الغثائية وواقع المسلمين المعاص
الغثائية وواقع المسلمين المعاصر
الغثائية داء عضال، ومرض قتّال، يصيب الأمة التي تصبو إلى الترف؛ فالفسق؛ فالخروج عن منهج الله: **}وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا**{ (الإسراء:16).
وسنة الله الجارية التي كانت قدرًا مقدورًا في جميع الأمم: أن هذا الوباء إذا أصاب أمة من الأمم فمن ورائها برزخ إلى يوم يبعثـــــــــون: **}وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُون** {(الأنبياء:95).
وواقع الأمة الإسلامية المعاصر ليس بمنأى عن هذه الغثائية، حيث وردت الإشارة إليها، والتنبيه عليها: صريحة دون لبس، واضحة دون غموض- في حديث ثوبان مولى رسول الله قال: قال رسول الله :يوشك أن تداعى عليكم الأمم؛ كما تداعى الأكلة (جمع :آكل) إلى قصعتها ( وعاء ضخم يؤكل فيه، ويثرد، ويشبع العشرة)
فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟
قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء – (ما يجف فوق السيل مما يحمله الزبد من الوسخ وفتات الاشياء التي على وجه الارض.) – كغثاء السيل، ولينزعن – ( يخرج، وأصل النزع: الجذب والقلع. ) – الله من صدور عدوكم المهابة –
( الإجلال والمهابة) – منكم، وليقذفنَّ الله في قلويكم الوهن – ( الضعف في العمل والأمر ) – .
قالوا: يا رسول الله ! وما الوهن؟
قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» صحيح بطرقه – أخرجه أبو داود
في هذا الحديث العظيم الذي يشخص مرحلة الغثائية بكل أعراضها وأطوارها التي ظهرت في واقع المسلمين المعاصر، فأورثتهم الوهن الذي دبّ في أوصالهم، وغيرّ كثيرًا من أحوالهم، ولذلك ؛ فهو يلقي بظلال ظليلة، ويوحي بدلالات ثقيلة على واقعنا المعاصر، منها على سبيل الإجمال:
أولها:
أن أعداء الله من جند إبليس وأعوان الشيطان يرصدون نمو أمة الإسلام ودولتها حيث رأوا أن الوهن دبّ إليها، والمرض نخر جسمها؛ فوثبوا عليها، وأرادوا كتم البقية الباقية من أنفاسها **}يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ**{ (الصف:8).
ولم يزل كفار العرب ومشركو أهل الكتاب وصليبيو الغرب وصهاينة العالم يقومون بذلك منذ فجر الإسلام؛ حيث دولة الإسلام الفتية التي أرسى أركانها وأشاد بنيانها رسول الله في المدينة النبوية وما حولها.
الثانية:
قوله : «الأمم»؛ أي: الأمم الكافرة والملل المشركة، ومن الأمم المنافقون الذين يسارعون في الكفار ويقولون نخشى أن تصيبنا دائرة: **}فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين**{ (المائدة:52)
الثالثة:
قوله : «يوشك أن تداعى عليكم» (يوشك) من أفعال المقاربة؛ أي: أوشك واقترب هذا الأمر, (تداعي)؛ أي: تتتابع وتجتمع، ويدعو بعضها بعضًا ؛ فتجيب طوعًا أوكرهًا .
وقد شهدت جميع قرارات هذه المنظمات الدولية منذ تأسيسها إلى يومنا هذا تحيزًا واضحًا ضد المسلمين وقضاياهم وهضمًا صريحًا لحقوقهم في شتى بلدانهم وجميع ديارهم ؛ مما يدل على ما ذكرنا، ويؤكد ما وضحنا: **}وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون**{ (يوسف:21).
الرابعة:
أن ديار المسلمين منبع للخير والبركة، تحاول أمم الكفر الاستيلاء عليها، ولذلك شبهها الرسول بالقصعة المملوءة بالطيب من الطعام التي أغرت الأكلة؛ فتواثبوا عليها، كلّ يريد نصيب الأسد.
وهذا يدل على أن من أبرز أسباب الحرب على أمة الإسلام – بعد الاسباب الدينية – الأسباب الاقتصادية حيث يتنافس الكفار على الاستيلاء على خيرات الديار الإسلامية.
الخامسة:
إن أمم الكفر أكلت خيرات المسلمين، وسرقت ثرواتهم بلا مانع ولا منازع، وتناولتها عفوًا وصفوًا.
السادسة:
إن أمم الكفر صيروا بلاد المسلمين جنودًا مجندة، ودويلات متقاطعة؛ كما في حديث عبد الله بن حوالة قال: قال رسول الله : «ستجندون أجنادًا؛ جندًا بالشام، وجندًا بالعراق، وجندًا باليمن».
فقلت: خر لي يا رسول الله !
قال: « عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمينه، وليستق من غدره (جمع غدير، وهو القطعة من الماء يغادرها السيل، والمراد: أن يشرب من ماءه) ، فإن الله -عز وجل- تكفل لي بالشام وأهلها ».
قال ربيعة: فسمعت أبا إدريس الخولاني يحدث بهذا الحديث ويقول: ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه (صحيح، وله عدة طرق بينها شيخنا أبو عبد الرحمن الالباني- -رحمه الله– في «تخريج أحاديث الشام ودمشق )
أليس هذا واقع الأمة الإسلامية؛ دويلات ليس لها من الأمر شيء، وليس لها في توجيه شؤونها الداخلية أو الخارجية أمر أونهي، وإنما تستمد قوتها وحمايتها وسياستها من أمم الكفر؛ ومن قرأ مذكرات كثير من الرؤساء والزعماء الشهود على هذا العصر والتي ملئت باعترافاتهم في هذا الباب علم حقيقة هذه المسألة، فالله المستعان، وعليه التكلان.
السابعة:
إن أمم الكفر لم تعد تهاب المسلمين؛ لأنهم فقدوا مهابتهم بين الأمم، والتي كانت ترجف لها أوصال أمم الكفر، وترتعد منها فرائص حزب الشيطان؛ لأن سلاح الرعب الفتاك لم يعد يملأ قلوب الكافرين، ويزلزل حصونهم.
قال الله -تعالى-: **}سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً**{ (آل عمران: 151).
وقال رسول الله : «نصرت بالرعب مسيرة شهر» ( أخرجه البخاري 1/ 436 – فتح، ومسلم ( 521 ) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- )
وهذه الخصوصية تتعدى إلى الأمة الإسلامية بدليل قوله في حديث ثوبان الآنف:«ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم».
الثامنة:
عناصر قوة الأمة الإسلامية ليس في عَددها وعُددها، وخيلها ورجلها، بل في عقيدتها ومنهجها؛ لأنها أمة العقيدة وحاملة لواء التوحيد.
ألم تسمع قول رسول الله يجيب السائل عن العدد: «بل أنتم يومئذ كثير»؟
فوصف رسول الله لبلاد المسلمين بـ (القصعة) يدل على كثرة العُدد ووفرتها، ووصفه للمسلمين بـ (الكثرة) يدل على كثرة العَدَد، ومع ذلك فهم غثاء؛ كغثاء السيل.
يتبع>>>>>>>>>>>>>>
بارك الله فيكي عزيزتي عموضوعك الرائع جدا
وللاسف هاد حالنا الان
ان شاءالله ينصر المسلمين يارب
ويقويهم ويبعد عنهم الفتن ما ظهر منها ومابطن
ويبعد عنا الكفره واعداء الاسلام موضوع هام
يحاكي حالنا الان اتمنى من الجميع متابعته لاهميته
يقيم بالنجوم ويثبت