.*★.• صوم السعداء والأشقياء •.★* . من الشريعة 2024.

…*★.• صوم السعداء والأشقياء •.★*…

..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
^
^
بــــعـــد التحية

السعداء هُم مَن سعد بالصيام فأسعده الصيام وآنسَه وزكّاه وهداه ، كان صيامهم عوناً لهم على طاعة الله تعالى ، فأكسبهم تقواه ومحبته وولايته ، حفِظوا الله تعالى في صومهم ، فحفظهم الله
ـ سبحانه ـ ورعاه وأسبغَ عليهم نِعَمه .
كان صيامهم محض سعادتهم ونورهم وهدايتهم ، شرفوا به غاية الشرف وبلغوا به سماء العز والمجد ، إذ إن طاعة الله عزّ للعبد وكرامة ، ومعصيته ذلُّ له ومهانة ، طَفحَ السرور عليهم بمقدم رمضان ، والسعادة تغمر محيّاهم وكلامهم وفعالهم .
السعداء عرفوا قدر الصوم فجعلوه خصباً بفعل الصالحات ، ريّانَ بقراءة القرآن والصدقات ، أدرك السُّعَداء أن الصوم عبودية للواحد القهار ، فيها الطاعة والامتثال والضراعة والابتهال والصبر ومحاسن الخلال .
السعداء إذا أردكَهم رمضان ازدادوا هِمّةً ونشاطاً وقوةً وفلاحاً ونوراً وصلاحاً ، عرفوا أن صيامهم إمّا لهم وإمّا عليهم ، فساسوه بميزان التقوى ، وصانوه من براثن الهوى ، وثبّتوه بأنوار الحق والهدى .
السُّعَداء في رمضان صائمون ذاكرون ، قائمون قانتون ، داعون ومجاهدون وعلى ربهم يتوكلون ، رمضان عندهم عيد وسرور ، وجنّة وحبور ، وذكر ونور ، يودّون لو طالت أيامه وبعدت لياليه ، واستدامت نعمته وفرحته وبهجته .
رمضان عندهم ذكرٌ وصلاة وتلاوة ومناجاة ، وجهاد ومواساة، تذكّروا نِعَم الله عليهم وما أتم به وأكرم ، فسعوا في نفع غيرهم بالدعوة والطعام والشراب والكساء .
﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد : 17] .
إذا انصرَمَت أيام رمضان بكي السعداء وتأسَفوا لفقدان حبيبهم وروحهم وراحتهم

وما مرّ يومٌ أرتجى فيه راحةً

فأذكُرُه إلا بكيت علي أمسِ

يبكون لفراقه ويحنون لانقضائه.

يا أيها السعداء :

هنيئاً لكم حُسن الصيام وحُسن العبادة والقيام ، ظفرتُم لعمري بالسعادة والسرور وحُزتُم البركة والأجور ، فيالها من فرحة تغمر النفس وتشرح الفؤاد وتورث النورَ والضياء.

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل : 97] .
أما الأشقياء فهم من شقي بالصيام ، وأشقاه الصيام وأضناه وأتعبَه ، كان الصيام عليهم إصراً وبلاءً ومشقةً وضنكاً ، إن صاموا فليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش ، لا يذوقون فيه إلا الهم والضيق والمرارة والحرمان .
كان صيامهم عليهم عمىً وردَىَ لا يجاوز حالهم ولا يغير صفاتهم وأحوالهم ، إذ إنهم إن صاموا صاموا على كرهٍ ومضَضٍ وضيق ونكد ، تعقبهم كآبة في المنظر وسوء في المنقلب ، نهارهم قد ثقل بالنوم والكسل ، وليلهم أظلم وهالك باللعب واللهو والسفَه ، ومن الأشياء مَن لا يصوم بتاتاً فهؤلاء قد خسروا خُسراناً مبيناً ، وقد ضلّوا ضلالاً بعيداً .

﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ ﴾ [التوبة : 46] .
الأشقياء لا يراعون جلالة الشهر وهيبته ، فتراهم سرعى هملاً وراء حسرتهم وندامتهم ، يطلبون غيّهم وفسقهم وخناهم .
ألم يعلموا بأن الله يرى ، مُحيط بهم لا تخفى عليه خافية ، وسيأتي بهم عبداً عبداً إذ أحصاهم وعّدهُم عداً ، وكلُّهم آتية يوم القيامة فرداً .
سبحان الله ! ألم يأتهم أنباء رمضان وبيّناته ؟! ألم يكن لهم
آيةً أنوار رمضان ودلائله ؟! ألم يروا فرحة الأمّة واغتباطها
بهذا الشهر؟! عجباً !! .

﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين : 14] .

كنا في حقبةٍ من الدّهر ، نشكو فئاماً لا يعرفون اللهَ إلا في رمضان ، فما بال جموعٍ غفيرة من الناس شقيت في رمضان وغيره، ما حقّ مَن لم يكن له من الصيام إلا اسمه ؟! لم يذُق نوره وحلاوته وروحانيّته . عياذاً بالله من ذلك .

يا أيها الإخوان :

اسلُكوا درب السعداء في رمضان هم مَن عرف قدر رمضان ، فصامَه صوم المتقين العابدين القانتين ، صاموه بنفوس صادقة وقلوب خاشعة وألْسنة ذاكرة ، ليست بهاذية ولا لاغية ، كان صومهم ثُمال قلوبهم وحياة نفوسهم وجلاء أحزانهم وغمومهم .

يا أيها الصائمون :

تجنّبوا طريق الأشقياء في رمضان ، الذين نسوا الله تعالى فأنساهم ذكره ، الذين كان صومهم عليهم ندامة وحسرة ، نعوذ بالله من حالهم ومآلهم .
قومٌ جاءوا في رمضان بالخاطئة ، وكانت أيامهم من ذكر الله خالية ، شرِقوا بالصيام فأورثهم البؤس والحرمان ، وأنزلَهم منازل الخيبة والخُسران ، يحسبون طول بقائهم عزاٍّ لهم ، وغِناهم سروراً لهم ، وأموالهم تمكيناً لهم ، كلاّ والله !! بل كل ذلك استدراج وبلاء ونكبة وغصّة ولأواء ، ولكن متى يعلمون ؟

قال تعالى : ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون : 55 – 56] .

قال ابن كثير رحمه الله : يعني أيظنّ هؤلاء المغرورون ، أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد ، لكرامتهم علينا ومعزّتهم عندنا ، كلا ليس الأمر كذلك كما يزعمون في قولهم
﴿ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ [سبأ : 35] ،
لقد أخطأوا في ذلك وخاب رجاؤهم ، بل إنما نفعل بهم ذلك استدراجاً وإنظاراً وإملاءً ، ولهذا قال :
﴿ بَل لا يَشْعُرُونَ ﴾
كما قال تعالى :﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة : 55] ،
وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً ﴾ [آل عمران : 178] ،
وقال تعالى :﴿ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [القلم : 44](
تفسير ابن كثير (3/257) .)

أيها الإخوة :

ألم يأن لهؤلاء أن يعودوا إلى ربّهم ويُنيبوا إليه ، وينقادوا لِحُكمه ويخشعوا لذكره وآياته .
في يوم القيامة يفرح السعداء الأخيار ، ويحزن الأشقياء الأشرار ، يُبَوَّاُ الصالحون منازل ذهباً ، وينقلبُ الذين ظلموا منقلَباً صعباً أرداهم الهوى وغرّهم طول الأمل ، إذ تنكّروا للنُّذُر وأعرضوا عن هدايات البشر .
﴿ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾ [فاطر : 37] .
أُنذِروا بالسّقم فلم ينزجروا ، ووُعِظوا بالشَّيب فلم يتّعظوا وابتُلوا بالكروب فما أقلعُوا وأنابوا ، والله المستعان ! .

لله درُّ الشّيب من واعظٍ

وناصحٍ لو سُمع الناصحُ

يأبى الفتى إلا اتّباع الهوى

ومنهجُ الحقِّ له واضحُ

فاسْمُ بعينيكَ إلى نسوةٍ

مهورهنَّ من العملُ الصالحُ

لا يجتلي الحوراءَ مِن خِدرها

إلا امروٌ ميزانُه راجحُ

مَن اتّقَى اللهَ فذاكَ الذي

سِيق إليه المتجرُ الرابحُ
(ديوان أبي نواس ص (618) .)

للأمانة // منقول للفائدة

تسلمي حبيبتي

وربي يعطيك الف عافيه

ـألـسَـلآمٍ عَـلـيـكُـمٍ و رحـمَـة ـألـلـَّـه و بـَركـآتـُـه

جعله في ميزان حسناتك

دمتي بحفظ الرحمن ورعايته

أحوال الأشقياء في الدنيا و الآخرة -اسلاميات 2024.

أحوال الأشقياء في الدنيا و الآخرة

السلام عليكم

إن الله عز وجل بحكمته وعدله قد أوضح طريق الهداية ودل عليه وحذر من طريق الغواية وأنذر منه .

والناس على حالين إما سعداء أو أشقياء . وفي معرفة حال الأشقياء في الدنيا والآخرة بعد عن طريقهم وهرب من مسلكهم .

**حياة الأشقياء في الدنيا :

في شقاء وتعب وصدورهم ضيقة لأن قلوبهم لم تخلص إلى اليقين والهدى وإن تنعم ظاهرهم فلبسوا ما شاؤوا وأكلوا ما شاؤوا وسكنوا حيث شاؤوا . . قال تعالى : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى 124 ) [ طه : 124 ] .

* * حال الأشقياء عند نزول الموت بهم :

تأتي ملائكة الموت الكافر والمنافق في صورة مخيفة . . ففي حديث البراء بن عازب أن رسول الله r قال : ( إن العبد الكافر ( وفي رواية الفاجر ) إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة ( غلاظ شداد ) سود الوجوه معهم المسوح ( من النار ) فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، قال فتغرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود ( الكثير الشعب ) من الصوف المبلول ( فتقطع معها العروق والعصب ) .

* سكرات الموت :

لقد وصف لنا القرآن الكريم الشدة التي يعاني منها الكفرة عند الموت فقال عز من قائل : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون 93 ) [ الأنعام : 93 ] .

وهذا الوصف يحدث إذا بشر ملائكة العذاب الكافر بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم وغضب الرحمن الرحيم فتنفرق روحه في جسده وتعصى وتأبى الخروج ! فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم . [ تفسير ابن كثير ]

* * رحلة الروح إلى السماء :

وتحدث عليه الصلاة والسلام عن الروح الخبيثة التي نزعت من العبد الكافر أو الفاجر فقال عنها بعد نزعها : فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء ، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعود روحه من قبلهم ! ! فيأخذها فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يجعلونها في تلك المسوح ويخرج منه كأنتن ريح جيفة على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملاء من الملائكة إلا قالوا : ماهذا الروح الخبيث ! فيقولون : فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ عليه الصلاة والسلام ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين 40 ) [ الأعراف : 40 ] .

فيقول الله عز وجل ( اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ثم يقول : أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتطرح روحه من السماء طرحا ً حتى تقع في جسده ثم قرأ ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق 31 ) [ الحج : 31 ] .

وقال : قتادة روحه إلى جسده .

* * عذابه في القبر :

وقال رسول الله r ( ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينهرانه ويجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول هاه لا أدري فيقولان له : ما دينكم ؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فلا يهتدي لاسمه ! ! فيقال محمد ، فيقول هاه هاه لا أدري ! سمعت الناس يقولون ذلك ، قال : فيقولون لا دريت ولا تلوت . فينادى مناد : أن كذب عبدي فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا ً ، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه في قبره حتى تختلف فيه أضلاعه فيقول : رب لاتقم الساعة .

* * حاله عند قيام الساعة :

يقوم في ذلك اليوم شاخصة عيناه من الفزع تظل مفتوحة مبهوتة مذهولة مأخوذة بالهول لا تطرف ولا تحرك ويمشي بسرعة لا يلوي على شيء ولا يلتفت إلى شيء رافعا رأسه لا عن إرادة ولكنه مشدوها لايملك له حراك وقد اسود وجهه وعليه الذلة والصغار ، أما قلبه فهو خالي لا يضم شيئا ً يعيه أو يحفظه أو يتذكره فهو هواء خواء قال تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا ً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار 42 مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء43 ) [ إبراهيم : 42 ـ 43 ] .

ويدعون بالويل والثبور ( قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا ) [ يس : 52 ] .

قال ابن كثير : مادعوا بالويل عند انقطاع العذاب عنهم إلا وقد نقلوا إلى طامة هي أعظم منه ولولا أن الأمر ذلك ما استصغر القوم ما كانوا فيه ثم يبكي حتى يبل لحيته ويتمنى الكفار في ذلك اليوم أن يهلكهم ويجعلهم ترابا ً ( يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض . . ) [ النساء : 42 ]

فما بالك بأقوام كانت مناياهم هي غاية المنى ! ! !

* * أغلال وسلاسل ومطارق :

قال تعالى ( خذوه فغلوه 30 ثم الجحيم صلوه 31 ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا ً فاسلكوه 32 ) [ الحاقة : 30 ـ 31 ] .

وقال ابن كثير : أي يأمر الزبانية أن تأخذه عنفا من المحشر فتغله أي تضع الأغلال في عنقه ، وقال ابن عباس ( فاسلكوه ) تدخل في استه ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى وأعد الله لأهل النار مقامع من حديد وهي المطارق التي تهوي على المجرمين وهم يحاولون الخروج من النار فإذا بها تطوح بهم مرة أخرى إلى سواء الجحيم ( ولهم مقامع من حديد 21 كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق 22 ) [ الحج : 21 ـ 22 ] .

يتبع

* * إحاطة النار بالكفار :
ولما كانت الخطايا والذنوب تحيط بالكافر إحاطة السوار بالمعصم فإن الجزاء من جنس العمل ولذا فان النار تحيط بالكفار من كل جهة كما قال سبحانه وتعالى : ( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش . . ) [ الأعراف : 54 ] .

والمهاد مايكون من تحتهم ، والغواش جمع غاشية وهي التي تغشاهم من فوقهم والمراد أن النيران تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم ، وقد صرح الله عز و جل بالإحاطة في موضع آخر ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين 54 ) [ العنكبوت : 54 ] .

منقول

* * عظم خلق أهل النار :

يدخل أهل الجحيم النار على صورة ضخمة هائلة لا يقدر قدرها إلا الذي خلقهم ففي الحديث الذي يرفعه أبو هريرة إلى الرسول r قال : ( إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعاً ، وإن ضرسه مثل أحد ، وإن مجلسه من جهنم مابين مكة والمدينة ) .

* * اطلاع النار على الأفئدة :

ومن عظم خلقهم فإن النار تدخل في أجسادهم حتى تصل إلى أعمق شيء فيهم ( سأصليه سقر 26 وما أدراك ما سقر 27 لا تبقي ولا تذر 28 لواحة للبشر 29 ) [ المدثر ك 26 ـ 29 ]

وقال بعض السلف في قوله ( لاتبقي ولا تذر ) قال : تأكل العظم واللحم والمخ ولاتذره على ذلك . . وقال تعالى : ( كلا لينبذن في الحطمة 4 وما أدراك ما الحطمة 5 نار الله الموقده 6 التي تطلع على الأفئدة 7 ) [ الهمزة : 26 ـ 29 ] .

قال محمد بن كعب القرظي : ( تأكله النار إلى فؤاده فإذا بلغت فؤاده أنشيء خلقه ) .

وعن ثابت البناني أنه قرأ هذه الآية ثم قال ( تحرقهم النار إلى الأفئدة وهم أحياء لقد بلغ منهم العذاب . . ثم يبكي ) .

* * طعام أهل النار وشرابهم :

طعام أهل النار الضريع والزقوم ، وشرابهم الحميم والغسلين والغساق قال تعالى : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع 6 لايسمن ولا يغني من جوع ) [ الغاشية : 6 ـ 7 ] .

والضريع : شوك بأرض الحجاز يقال له الشبرق وهذا الطعام الذي يأكله أهل النار لا يفيدهم فلا يجدون لهم لذة ولا تنتفع به أجسامهم فأكلهم له نوع من أنواع العذاب ، وقال تعالى : ( أذلك خير نزلا ً أم شجرة الزقوم 62 إنا جعلنا فتنة للظالمين 63 إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم 64 طلعها كأنه رءوس الشياطين 65 فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون 66 ثم إن لهم عليها لشوبا ً من حميم 67 ثم مرجعهم لألى الجحيم ) [ الصافات : 62 ـ 68 ] .

ويؤخذ من هذه الآيات أن هذا الشجر قبيح المنظر ولذلك شبهة برؤؤس الشياطين وقد النفوس قبح رؤوسهم وإن كانوا لا يرونهم ، ومع خبث هذه الشجرة وخبث طلعها إلا أن أهل النار يلقى عليهم الجوع بحيث لا يجدون مفرا ً من الأكل منها إلى درجة ملء البطون فإذا امتلأت بطونهم أخذت تغلى في أجوافهم كما يغلي دردي الزيت فيجدون لذلك آلاما ً مبرحة فإذا بلغ الحال بهم هذا المبلغ اندفعوا إلى الحميم وهو الماء الحار الذي تناهى حره فشربوا منه كشرب الإبل تشرب ولا تروى لمرض أصابها . . قال تعالى : ( فشاربون شرب الهيم ) [ الواقعة : 55 ] .

وعند ذلك يقطع الحميم أمعائهم ( وسقوا ماء حميما ً فقطع أمعاءهم ) [ محمد : 15 ] .

هذه هي ضيافتهم في ذلك اليوم العظيم ! ! أعاذنا الله من حال أهل النار بمنه وكرمه .

بارك الله فيك واثابك الجنة
وبارك الله فيك ايضا وليرزقك فراديس جنانه
اللهم اني اعوذ بك من نار جهنم
جزاك الله خيرا
الله يسعدك ويهنيك يارب
ألف شكر على الطرح
جزاك الله كل خير
جعله الله في ميزان حسناتك

بإنتظار جديدك

خطيب الأنبياء في مواجهة الأشقياء من الشريعة 2024.

خطيب الأنبياء في مواجهة الأشقياء

خطيب الأنبياء في مواجهة الأشقياء

بقلم:آمنة حسن
وفي سيرنا منشرحة صدورنا مغتبطة قلوبنا بأحسن القصص نعرج على أيكة عظيمة أشجارُها، وارفة ظلالها، قد أعطي أهلها من النعيم الكثير وهم في خير وفير . فيسترعي انتباهنا ويأسر قلوبنا ذلك الرجل الواقف مواجها قومه يخطب فيهم إنه نبي مرسل إليهم، إنه الذي سماه المفسرون خطيب الأنبياء لفصاحته وجزالة موعظته كما قال ابن كثير فهو يقرع الحجة بالحجة فيدمغها ويظهر زيفها.
انه نبي الله شعيب عليه السلام أرسله الله تعالى إلى قومه أهل مدين:{والى مدين أخاهم شعيبا } أرسله إليهم يحارب فيهم الجشع والطمع والحرص الشديد والأنانية إلى جانب الكفر بالله ونعمه.

وإن هذه الصفات الدنيئة والخصال القبيحة لما تتمكن من النفس البشرية وتتأصل فيها فإننا نجد صاحبها قد غشي قلبه سواد قاتم يمنعه من التفكير والتبصر في الأمور ،وغطى عينيه ظلام كثيف يعميه عن الحق وأصاب أذنيه وقر يجعله لا يستمع لأي موعظة ولا دعوة فيتعدى الحدود ويطغى ويبغي ويعيث في الأرض فسادا ،يحارب الفضيلة وينشر الرذيلة ، يطمس الحق ويعلي الباطل ، وهذا ما كان من قوم شعيب عليه السلام . قد بلغ بهم جشعهم وطمعهم وحرصهم مبلغه فأصروا على كفرهم وتكذيبهم نبي الله شعيب . خوفا على أموالهم ورغبة في تكثيرها وحرصا على زيادة ثروتهم وحمايتها بكل وسيلة ولو بالغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .
ولقد جاهد شعيب عليه السلام قومه جهادا كبيرا فهم قد استشرى فيهم الكفر وجحود نعم الله عليهم ، وكان جشعهم سببا في إضافة فساد آخر بينهم وهو نقص الميزان وبخس الناس أشياءهم وتجارتهم بالتدليس عليهم وخيانتهم خفية دون أن يشعروا ، ثم أضافوا إلى ذلك قطع الطريق على الناس والترصد لهم لمَّا يأتون إلى بلدهم حتى يصدوهم عن اتباع شعيب بتوعدهم لهم بالقتل إن هم آمنوا معه . فيقول تبارك وتعالى :{ وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين *ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا } (الأعراف 85-86) إنه يدعوهم للإيمان وينهاهم عن فعالهم القبيحة ومعاصيهم الشنيعة ويذكرهم بنعم الله عليهم فهو الذي كثرهم بعد قلة ، وأصلح لهم الأرض وأغناهم بعد فقر فيقول تعالى : { واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين } ( الأعراف 86 ) ويقول تعالى أيضا :{ والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ } (هود 84-85 )ويخطبهم شعيب عليه السلام محذرا من سوء العاقبة والمصير ومرغبا لهم بتقوى الله ثم بالتوبة إليه فيقول تبارك وتعالى يحكي ذلك: { ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد* واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود} ( هود 89-90 ) ويقول تبارك وتعالى : {وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين } (العنكبوت 36) ويستمر شعيب عليه السلام في دعوته مبينا لهم أنه ما جاء بهذه الدعوة من الله إلا طلبا لإصلاح الفساد وتقويم العوج في سلوكهم وإنه لا يبغي ولا يطلب أجرا ولا جزاء على ذلك فهو قد تكفل الله برزقه :{ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } ( هود 88) ويقول تعالى :{ كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون* وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} (الشعراء 176-180 ).

واستمر شعيب عليه السلام في محاججتهم ودعوتهم يبغي الإصلاح ما استطاع ولا ينكل عن رسالة الله إليه ولا ييأس . وقد رأوا أن بعض الناس قل مالوا إليه واتبعوه فهلعت قلوبهم خوفا من انتشار دينه وزيادة أتباعه، فأخذوا مرة يسخرون منه فيتهمونه بعدم البيان حتى لا يكادون يفقهون قوله : {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول .. }(91) ويصفونه تهكما بالحليم الرشيد : { إنك لأنت الحكيم الرشيد } (هود87). ومرة يهددونه بالرجم وأنه لا يمنعهم من ذلك إلا مكانة عشيرته وقبيلته: {… وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز} (هود 91) فيجابههم شعيب عليه السلام بأن الأولى بهم بدل أن يمتنعوا عن إيذائه لمكانة قومه وعشيرته ، الأولى أن يكون ذلك إعظاما لله تبارك وتعالى وإجلالا له: { قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط}(هود 92). ويستمرون في تهديده فيتوعدونه هو ومن معه بالإخراج من القرية إذا لم يعودوا إلى ملة الكفر التي قد أنجاهم الله منها، ولكن شعيبا يبين لهم أنهم لن يعودوا في ملة الكفر لأن الإيمان قد التصق في قلوبهم ، وأن أمرهم بيد الله الذي يعلم كل شيء ، وهم لن يفتروا على الله الكذب وهم يتوكلون عليه ويدعونه بأن يفتح بينهم وبين قومهم بالحق وينصرهم عليهم: { قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين* قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين }(الأعراف 88-89) ثم لما رأوا إصراره أخذوا يتهمونه بالسحر والكذب ثم يزيدون في تكذيبه فيستعجلون العذاب إمعانا في عدم تصديقهم له : { قالوا إنما أنت من المسحرين* وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين} (الشعراء 185-187).

ولما أن أمعنوا في الكفر والصد عن سبيل الله حتى بلغ بهم الأمر أن يسألوا نبيهم إسقاط الكسف من السماء متحدين له متهمين إياه بالكذب فقد وصلوا إلى مرحلة لا بد أن ينصر الله فيها أولياءه فيدعوهم شعيب عليه السلام إلى ترقب العذاب فيقول :{ ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب فارتقبوا إني معكم رقيب } (هود 93) ولا يطول ترقبهم حيث يأتيهم العذاب في يوم عظيم يجتمع فيه عليهم نار تحرقهم أسقطها الله عليهم من سحابة أظلتهم ،وصيحة من السماء ورجفة من الأرض أسقطتهم على ركبهم جاثمين وقد خمدت أنفاسهم فكانوا عبرة لكل معتبر ،
نعم إن الله تعالى هو العزيز الذي لا غالب له ، العزيز في انتقامه من الكافرين والجاحدين والمفسدين في الأرض ، فلا يظنن أحد أن الله غافل عن عمل الظالمين المستكبرين في الأرض ، فإن الله رحيم بهؤلاء المؤمنين فينجيهم وينصرهم فأهلها هم المنصورون وهم الغالبون بإذنه تعالى .

الجمعية الخيرية لتحفيظ القران الكريم بمنطقة الرياض:: أوقاف الجمعية

بارك الله فيك وجزاك خيرا

طرح موفق