مع سورة الحشر
تفسير سورة الحشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 5
( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ *وَلَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ *ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ *مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ )
يقدس كل شئ فى الأرض والسموات الله ويمجدونه ويوحده ويسبحونه
فالله هو العزيز : منيع الجانب
الحكيم : حكيم فى تشريعه وقدره
إن الله هو الذى نصر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على يهود بنى النضير وأخرجهم من المدينة فى ستة أيام فقط لأنهم نقضوا العهد الذى بينهم وبين المسلمين
وكانوا يظنون أن حصونهم الشديدة ستمنع بأس الله عنهم ولكن لم تغنى عنهم من الله شيئا
ودمرهم الله من حيث لم يكونوا يتوقعون
فأصبحوا هم الذين يخربون بيوتهم بأيديهم فيحملون ما يمكنهم معهم ويخلعون الأبواب والأسقف ليحملوها معهم على الإبل
وأنزل فى قلوبهم الخوف والجزع
وكانت أيضا المؤمنون يهدمون لهم ديارهم ليتسع المكان للقتال
وهذه ليعتبر من عنده بصيرة
ولولا أن الله كتب عليهم النفى من ديارهم وترك أموالهم لكان لهم عذاب أكبر من ذلك ولهم فى الآخرة عذاب أكبر
وذلك لأنهم خالفوا الله ورسوله وكذبوا بما أنزل الله علي رسله ومن يفعل ذلك فله عذاب فى النارشديد
وكان الرسول عندما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم وإرهابا ، فيقول الله أنه بإذنه تعالى وقدرته وهو الذى نصر المؤمنين عليهم عقابا لهم
الآيات 6 ـ 7
( وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
الفئ : المال الذى يؤخذ من الكفار بغير قتال ولا هجوم ( إيجاف ) بخيل ولا ركاب ( إبل )
يقول تعالى :
وما أعطى الله لرسوله من مال بغير حرب ولا قتال من الكافرين من يهود بنوا النضير ( منهم ) ولم تهجموا بخيول ولا مبارزة
ولكن الله أنزل الخوف والرعب فى قلوبهم وهذه جنود الله
والله يقدر على كل شئ وقاهر لكل شئ
وكذلك ما أعطاكم الله مالا بهذه الطريقة من البلدان الأخرى غير بنوا النضير فيصرف فى وجوه البر للمسلمين لذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
وهذه الأوجه للصرف حددها الله لكى لا يستولى عليها الأغنياء ولا يصرفونها للفقراء
ثم يأمر الله المؤمنين بأن يطيعوا الله ورسوله فيما يأمر وينهى
ويأمر بتقوى الله شديد العقاب لمن عصاه
الآيات 8 ـ 10
( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ *وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
ويوضح الله الحالات التى تستحق من مال الفئ وهم : ـ
1 ـ الفقراء الذين تم إخراجهم من بيوتهم لمخالفتهم أهلهم ابتغاء مرضات الله
فهؤلاء هم الصادقون حقا بقولهم وفعلهم وهم المهاجرين
2 ـ والأنصار الذين ( تبوءوا ) سكنوا الديار قبل المهاجرين وآمنوا قبلهم وتركوا لهم ديارهم
هؤلاء أكرموا المهاجرين وأحبوهم وأعطوهم ديارهم وأموالهم ولا يجدون فى نفوسهم حسدا للمهاجرين بما فضلهم به الله وشرفهم وغفر لهم
ويقدمون ( يؤثرون ) حاجة الناس على حاجاتهم فى حال احتياجهم
( خصاصة )
وهؤلاء الذين اتقوا وتغلبوا على بخل الأنفس وهم المفلحون
3 ـ التابعون للمهاجرين والأنصار يأتسون بأعمالهم ولا يحسدونهم وليس فى قلوبهم غل للمؤمنين ويؤمنون بالله ورسوله
ويطلبون من الله الرحمة والمغفرة