الوسم: الروم

>>انتقاض غرفة هرقل الروم<<وصف لصور الأنبياء

أخرج الحاكم عن هشام بن العاص الأموي رضي الله عنه.

قال:بعثت أنا و رجل آخر من قريش الى هرقل صاحب الروم ندعوه الى الاسلام, فخرجنا حتى قدمنا الغوطة,و يعني غوطة دمشق,فنزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني,فدخلنا عليه,فاذا هو على سرير له,فأرسال الينا برسوله نكلمه قلنا:والله لا نكلم رسولا, و انما بعثنا الى الملك , فان أذن لنا كلمناه, قال: فأذن لنا, فقال:تكلموا, فكلمه هشام بن العاص, و دعاه الى الاسلام, فاذا عليه ثياب سود, فقال:له هشام و ما هذه التي عليك؟ فقال: لبستها و حلفت أن لا أنزعها حتى أخرجهم من الشام, فقلنا:و مجلسك هذا و الله لنأخذنه منك, و لنأخذن ملك الملك الأظم ان شاء الله, أخبرنا بذلك نبينا محمد . قال: لستم بهم, بل هم قوم يصومون بالنهار, و يقومون بالليل, فكيف صومكم؟ فأخبرناه فملىء وجهه سودا, فقال: قوموا , و بعث معنا رسولا الى المللك هرقل.

فخرجنا, حتى اذا كنا قريبا من المدينة, قال لنا الذي معنا: ان دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك فان شئتم حملناكم على برذاين(جمع بردون و هو التركي من الخيل) و بغال, قلنا: والله لا ندخل الا عليها, فأرسلوا الى الملك أنهم يأبون ذلك, فأمرهم أن ندخل على رواحلنا فدخلنا عليها متقلدين سيوفنا, حتى انتهينا الى غرفة له, فأنخنا في أصلها و هو ينظر الينا, فقلنا: لا اله الا الله, و الله أكبر, فـالله يعلم لقد انتفضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق(النخلة) تصفقه الرياح.

قال فأرسل الينا:ليس لكم أن تجهروا علينا بدينكم,و أرسل الينا ان ادخلوا فدخلنا عليه و هو على فراش له و عنده بطارقة(جمع بطريق و هو الحاذق بالحرب و أمورها) من الروم, و كل شيء في مجلسه أحمر و ما حوله حمرة, و عليه ثياب من الحمرة, فدنوها منه فضحك, فقال: ما عليكم لو جئتموني(في الدلائل:حييتموني) بتحيتكم فيما بينكم؟ و اذا عنده رجل فصيح بالعربية كثير الكلام؟ فقلنا: ان تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك, و تحيتك التي تحيا بها لا يحل لنا أن نحييك بها, قال: كيف تحيتكم فيما بينكم؟ قلنا:السلام عليك, قال:فكيف تحيون ملككم؟ قلنا بها,قال:فكيف يرد عليكم؟ قنا بها, قال: فما أعظم كلامكم؟ قلنا: لا اله الا الله و الله أكبر, فلما تكلمنا بها و الله يعلم, لقد انتقضت( في الدلائل: تنفضت) الغرفة حتى رفع رأسه اليها, قال: فهذه الكلمة التي قلتموها حيث انتقضت الغرفة كلما قلتموها في بيوتكم تنفضت عليكم غرفكم؟(في الدلائل: تنفض بيوتكم عليكم).

قلنا: لا, ما رأيناها فعلت هذا قط الا عندك, قال: لوددت أنكم كلما قلتم تنفض كل شيء عليكم, و أني قد خرجت من نصف ملكي, قلنا: لم؟ قال: الأنه كان أيسر لشأنها و أجدر أن لا تكون من أمر النبوة, و أنها تكون من حيل الناس, ثم سألنا عما أراد فأخبرناه, ثم قال: كيف صلاتكم و صومكم؟ فأخبرناه, فقال: قوموا فأمر لنا بمنزل حسن و نزل(ما يقدم الى الضيف) كثير.

قال: هذا آدم عليه السلام, و اذا هو أكثر الناس شعرا.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء, و اذا فيها صورة بيضاء, و اذا له شعر كشعر القطط(من له شعر كثير الجعودة), أحمر العينين, ضخم الهامة. حسن الحية, فقال:تعرفون هذا؟ قلنا:لا ..قال: هذا نوح عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة سوداء, و اذا رجل شديد البياض حسن العينين, صلت الجبين( اي واسع), طويل الخد, أبيض اللحية كأنه يبتسم, فقال:تعرفون هذا؟ قلنا:لا..قال هذا ابراهيم عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر, فاذا فيه صورة بيضاء, و اذا والله برسول الله , فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا نعم هذا محمد رسول الله , قال:و بكينا, قال:والله يعلم أنه قام قائما ثم جلس,و قال:والله انه لهو, قلنا: نعم نه لهو كأنك تنظر اليه, فأمسك ساعة ينظر اليها, ثم قال أما انه كان آخر البيوت, و لكني عجلته لكم لأنظر ما عندكم.

ثم فتح بابا آخر, فاستخرج منه حريرة سوداء, فاذا فيها صورة أدقاء(قن الأدقة و هو سمرة شديد) , سحماء(سوداء) و اذا رجل جعد(اي غير قسترسل افشعر) قطط, غائر العينين, حديد النظر(اي قوي النظر) , عابس, متراكب الأسنان, متقلص(قتقلص:اي شفته قنزوية افى أعلاها), كأنه غضبان, فقال هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..قال: هذا موسى عليه السلام, و الى جنبه صورة تشبهه الا أنه مدهان الرأس(أي دهين الشعر) عريض الجبين, في عينيه قبل(اي قيل كالحول), فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا هارون عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء , فاذا صورة رجل آدم(الأقة:سوداء) سبط, ربعة(وسط بين طول و قصر) كأنه غضبان, فقال: هل تعلرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا لوط عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر, فاستخرج منه حريرة بيضاء, فاذا فيها صورة رجل أبيض, أقنى(قنا في الأنف:طوفه و دقةأرنبته قع حدب في وسطه.) , خفيف العارضين(عارضا الانسان:صفتها خديه), حسن الوجه فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا اسحاق عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر,فاستخرج منه حريرة بيضاء, فاذا فيها صورة تشبه اسحاق الا أن على شفته خال, فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا يعقوب عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر,فاستخرج منه حريرة سوداء, فيها صورة رجل أبيض, حسن الوجه, أقنى الأنف, حسن القامة, يعلو وجهه نور, يعرف في وجهه الخشوع, يضرب الى الحمرة,فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا اسماعيل عليه السلام, جد نبيكم .

ثم فتح بابا آخر,فاستخرج منه حريرة بيضاء,فاذا فيها صورة كصورة آدم عليه اللام, كأن وجهه الشمس,فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا يوسف عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر,فاستخرج منه حريرة بيضاء, فاذا فيها صورة رجل أحمر, حمش الساقين(دقيقهما), أخفش العينين(الخفش: صغير العينين مع ضعف في البصر), ضخم البطن ربعة, متقلد سيفا,فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا داود عليه السلام.

ثم فتح بابا آخر,فاستخرج منه حريرة بيضاء, فاذا فيها صورة رجل ضخم الأليتين, طويل الرجلين, راكب فرسا, فقال:هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا سليمان بن داود عليهما السلام.

ثم فتح بابا آخر,فاستخرج منه حريرة سوداء, فيها صورة بيضاء اذا شاب شديد سواد اللحيه, كثير الشعر ,حسن العينين, حسن الوجه, فقال:هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا..؟ قال: هذا عيسى عليه السلام.

ثم قال: أما والله ان نفسي طاب بالخروج من ملكي, و أني كنت عبدا [ لأشركم ملكه](لا يترك ملكة و في الكنز:لأميركم ملكه) حتى الموت, ثم أجازنا, فأحسن جائزتنا و سرحنا.

فلما أتينا أبا بكر الصديق رضي الله عنه, فحدثناه بما رأينا و بما قال لنا, و ما أجزانا, قال: فبكى ابو بكر, و قال: مسكين لو أراد الله به خيرا لفعل, ثم قال: أخبرنا رسول الله أنهم و اليهود يجدون نعت محمد عندهم.

{{هكذا أورده الحفاظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل(دلائل النبوة للبهقي(1/386-390),باب ما وجد من صورة نبينا محمد .) النبوه الحاكم اجازه…فذره و اسناده لا بأس به. كذا في التفسير(تفسير القرآن العظيم(2/251) الابن كثير..و ذكر في الكنز(كنز العمالة(3.3.9)(6.9-6.4/10)) عن البيهقي بتمامه, ثم قال: قال: ابن كثير : هذا حديث جيد الاسناد و رجال ثقات. انتهى}}.

و اخرجه أبو النعيم في دلائل النبوه(دلائل ابي النعيم(13/50-55)) عن موسى بن عقبة فذكر القصة بنحوها, و لم يقع في حديث هشام بن العاص ذكر ابي بكر في تلك الصورة, و قد و قع ذكره في حديث أخرجه البيهقي(دلائل النبوة(1/384-385), باب ما وجد من صورة نبينا محمد .).
الكتاب إلي كتبت منه الموضوع هو: (معجزات الرسول عليه الصلاة و السلام)
للكاتب : د: مصطفى مراد