سورة الصف تفسير الآيات (10- 14)اخر السورة
سورة الصف تفسير الآيات (10- 14):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)}
شرح الكلمات:
{هل أدلكم على تجارة}: أي أرشدكم إلى تجارة رابحة.
{تنجيكم من عذاب أليم}: أي الربح فيها هو نجاتكم من عذاب مؤلم يتوقع لكم.
{تؤمنون بالله ورسوله}: أي تصدقون بالله ربّاً وإلهاً وبمحمد نبياً ورسولاً لله تعالى.
{وتجاهدون في سبيل الله}: أي وتبذلون أموالكم وأرواحكم جهاداً في سبيل الله تعالى.
{ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون}: أي الدخول في هذه الصفقة التجارية الرابحة خير لكم من تركها حرصاً على بقائكم وبقاء أموالكم مع أنه لا بقاء لشيء في هذ الدار.
{يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم}: أي هذا هو الربح الصافي مقابل ذلك الثمن الذاهب الزائل.
وعند ابن كثير :
( يغفر لكم ذنوبكم ) أي : إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه ، غفرت لكم الزلات ، وأدخلتكم الجنَّات ، والمساكن الطيبات ، والدرجات العاليات
{جنَّات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنَّات عدن}: الذي هو المال والنفس مع أن الكل لله تعالى واهبكم أنفسكم وأموالكم.
{ذلك الفوز العظيم}: أي النجاة من عذاب النار الأليم ثم دخول الجنة والظفر بما فيما من النعيم المقيم هو حقاً الفوز العظيم.
{وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب}: أي وعلاوة أخرى تحبونها قطعاً إنها نصر من الله لكم وليدنكم وفتح قريب للأمصار والمدن، وما يتبع ذلك من رفعة وسعادة وهناء.
{وبشر المؤمنين}: أي وبشر يا رسولنا المؤمنين الصادقين بذاك الفوز وهذه العلاوة.
{كونوا أنصار الله}: أي لتنصروا دينه ونبيه وأولياءه.
{كما قال عيسى بن مريم}: أي فكونوا أنتم أيها المؤمنون مثل الحواريين، والحواريون هم : أصحاب عيسى وهم أول من آمن به وكانوا اثني عشر رجلاً.
{فآمنت طائفة من بني إسرائيل}: أى بعيسى عليه السلام، وقالوا إنه عبد الله رفع إلى السماء.
{وكفرت طائفة}: أي من بني إسرائيل فقالوا إنه ابن الله رفعه إليه.
{فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم}: فاقتتلت الطائفتان: فنرسنا وقوينا الذين آمنوا.
{فأصبحوا ظاهرين}: أي غالبين عالين.
تابعوا بارك الله فيكم
فى ظلال الآيات:
_* الجهاد الرابح ومكاسبه وثمراته في الدنيا والآخرة والدعوة ليكونوا أنصار الله
وفي ظلال العقيدة , وفي مواجهة وعد الله بالتمكين لهذا الدين الأخير , يهتف القرآن الكريم بالذين آمنوا . . من كان يواجه ذلك الخطاب ومن يأتي بعدهم من المؤمنين إلى يوم الدين . . يهتف بهم إلى أربح تجارة في الدنيا والآخرة . تجارة الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله:
وهنا درس فى الجهاد الرابح ومكاسبه وثمراته في الدنيا والآخرة والدعوة
(يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم .الآيات)
*وصيغة التعبير بما فيها من فصل ووصل , واستفهام وجواب , وتقديم وتأخير , صيغة ظاهر فيها القصد إلى إقرار هذا الهتاف في القلوب بكل وسائل التأثير التعبيرية .
*يبدأ بالنداء باسم الإيمان: يا أيها الذين آمنوا . . يليه الاستفهام الموحي . فالله – سبحانه – هو الذي يسألهم ويشوقهم إلى الجواب: (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ?). .
*ومن ذا الذي لا يشتاق لأن يدله الله على هذه التجارة ?
*وهنا تنتهي هذه الآية , وتنفصل الجملتان للتشويق بانتظار الجواب المرموق .
ثم يجيء الجواب وقد ترقبته القلوب والأسماع: (تؤمنون بالله ورسوله). . وهم مؤمنون بالله ورسوله . فتشرق قلوبهم عند سماع شطر الجواب هذا المتحقق فيهم ! (وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم). .
وهو الموضوع الرئيسي الذي تعالجه السورة , يجيء في هذا الأسلوب , ويكرر هذا التكرار , ويساق في هذا السياق .
*فقد علم الله أن النفس البشرية في حاجة إلى هذا التكرار , وهذا التنويع , وهذه الموحيات , لتنهض بهذا التكليف الشاق , الضروري الذي لا مفر منه لإقامة هذا المنهج وحراسته في الأرض . . .
*ثم يعقب على عرض هذه التجارة التي دلهم عليها بالتحسين والتزيين: (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون). .
فعلم الحقيقة يقود من يعلم إلى ذلك الخير الأكيد . .
ثم يفصل هذا الخير في آية تالية مستقلة ,
لأن التفصيل بعد الإجمال يشوق القلب إليه , ويقره في الحس ويمكن له:
(يغفر لكم ذنوبكم). . وهذه وحدها تكفي . فمن ذا الذي يضمن أن يغفر له ذنبه ثم يتطلع بعدها إلى شيء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أو يدخر في سبيلها شيئا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
*ولكن فضل الله ليست له حدود: (ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنَّات عدن). .
وإنها لأربح تجارة أن يجاهد المؤمن في حياته القصيرة – حتى حين يفقد هذه الحياة كلها – ثم يعوض عنها تلك الجنَّات وهذه المساكن في نعيم مقيم . . وحقا . . (ذلك الفوز العظيم). .
وكأنَّما ينتهي هنا حساب التجارة الرابحة . وإنه لربح ضخم هائل أن يعطي المؤمن الدنيا ويأخذ الآخرة . فالذي يتجر بالدرهم فيكسب عشرة يغبطه كل من في السوق . فكيف بمن يتجر في أيام قليلة معدودة في هذه الأرض , ومتاع محدود في هذه الحياة الدنيا , فيكسب به خلودا لا يعلم له نهاية إلا ما شاء الله , ومتاعا غير مقطوع ولا ممنوع ؟؟؟؟.
تابعوا بارك الله فيكم