حفظ وتفسير سورة البقرة الأيات من 243 الى 247 القرآن الكريم 2024.

حفظ وتفسير سورة البقرة الأيات من 243 الى 247

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

#

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ
#

وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
#

مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
#

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
#

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

موت الأمم بالجبن والبخل وحياتها بالشجاعة والعطاء

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} أي ألم يصل إِلى سمعك يا محمد أو أيها المخاطب حال أولئك القوم الذين خرجوا من وطنهم وهم ألوف مؤلفة {حَذَرَ الْمَوْتِ} أي خوفاً من الموت وفراراً منه والغرض من الاستفهام التعجيب والتشويق إِلى سماع قصتهم، وكانوا سبعين ألفاً {فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} أي أماتهم الله ثم أحياهم، وهم قوم من بني إِسرائيل دعاهم ملكهم إِلى الجهاد فهربوا خوفاً من الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم بدعوة نبيهم "حزقيل" فعاشوا بعد ذلك دهراً، وقيل: هربوا من الطاعون فأماتهم الله قال ابن كثير: وفي هذه القصة عبرةٌ على أنه لا يغني حذرٌ من قدر، وأنه لا ملجأ من الله إِلا إِليه {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} أي ذو إِنعام وإِحسان على الناس من حيث يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة ما يبصّرهم بما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} أي لا يشكرون الله على نعمه بل ينكرون ويجحدون .

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي قاتلوا الكفار لإِعلاء دين الله، لا لحظوظ النفس وأهوائها واعلموا أن الله سميع لأقوالكم، عليم بينّاتكم وأحوالكم فيجازيكم عليها، وكما أن الحذر لا يغني من القدر فكذلك الفرار من الجهاد لا يقرّب أجلاً ولا يبعده {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} أي من الذي يبذل ماله وينفقه في سبيل الخير ابتغاء وجه الله، ولإِعلاء كلمة الله في الجهاد وسائر طرق الخير، فيكون جزاؤه أن يضاعف الله تعالى له ذلك القرض أضعافاً كثيرة؟ لأنه قرضٌ لأغنى الأغنياء ربّ العالمين جل جلاله وفي الحديث (من يقرض غير عديم ولا ظلوم) {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصطُ} أي يقتّر على من يشاء ويوسّع على من يشاء ابتلاءً وامتحاناً {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم.

قصة طالوت وجالوت

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} أي ألم يصل خبر القوم إِليك؟وهو تعجيب وتشويق للسامع كما تقدم وكانوا من بني إِسرائيل وبعد وفاة موسى عليه السلام كما دلت عليه الآية {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي حين قالوا لنبيِّهم "شمعون" – وهو من نسل هارون أقم لنا أميراً واجعله قائداً لنا لنقاتل معه الأعداء في سبيل الله{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَ تُقَاتِلُوا} أي قال لهم نبيّهم: أخشى أن يُفرض عليكم القتال ثم لا تقاتلوا عدوكم وتجبنوا عن لقائه .

{قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} أي أيُّ سببٍ لنا في ألاّ نقاتل عدونا وقد أخذت منا البلاد وسُبيت الأولاد؟ قال تعالى بياناً لما انطوت عليه نفوسهم من الهلع والجبن {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَ قَلِيلاً مِنْهُمْ} أي لما فرض عليهم القتال نكل أكثرهم عن الجهاد إِلا فئة قليلة منهم صبروا وثبتوا، وهم الذين عبروا النهر مع طالوت، قال القرطبي: وهذا شأن الأمم المتنعِّمة المائلة إِلى الدَّعة، تتمنى الحرب أوقات الأنفة فإِذا حضرت الحرب جُبنت وانقادت لطبعها {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} وعيدٌ لهم على ظلمهم بترك الجهاد عصياناً لأمره تعالى .

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} أي أخبرهم نبيّهم بأنَّ الله تعالى قد ملَّك عليهم طالوت ليكونوا تحت إِمرته في تدبير أمر الحرب واختاره ليكون أميراً عليهم {قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ} أي قالوا معترضين على نبيّهم كيف يكون ملكاً علينا والحال أننا أحقُّ بالملك منه لأن فينا من هو من أولاد الملوك وهو مع هذا فقير لا مال له فكيف يكون علينا؟

{قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} أي أجابهم نبيّهم على ذلك الاعتراض فقال: إِن الله اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم، والعمدة في الاختيار أمران: العلم ليتمكن به من معرفة أمور السياسة، والأمر الثاني قوة البدن ليعظم خطره في القلوب، ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الشدائد، وقد خصّه الله تعالى منهما بحظ وافر قال ابن كثير: ومن ههنا ينبغي أن يكون الملك ذا علمٍ، وشكلٍ حسن، وقوةٍ شديدة في بدنه ونفسه، {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ} أي يعطي الملك لمن شاء من عباده من غير إِرثٍ أو مال {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} أي واسع الفضل عليمٌ بمن هو أهل له فيعطيه إِياه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.