حقوق اليتامى : الشيخ زيد البحري 2024.

حقوق اليتامى : الشيخ زيد البحري

( حقوق اليتامى )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

albahre.com – فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله:

الأطفال وما أدراكم ما الأطفال ؟

الأطفال هم فلذات أكبادنا ، هم نبتٌ اليوم وثمار الغد وأمل المستقبل ، نسعى لإسعادهم ونكافح من أجل إعدادهم ، وبقدر ما يبذل من جهد وتربية لهؤلاء الأطفال بقدر ما يكون للأمة من رفعة وعزة ، وبقدر ما يُهملون ويهمشون حتى تتمكن الضلالة من قلوبهم بقدر ما يكون في الأمة من انحلال وضعف ، هؤلاء الأطفال من بينهم طفلٌ ، هذا الطفل هو محل حديثنا في هذا اليوم ، هذا الطفل فقد العائل الذي يرعاه ، فقد القلب الذي يحنو عليه ، فقد اليد التي تعطيه ، فقد العين التي تسهر عليه ، ذلكم الطفل هو " اليتيم "

اليتيم : من مات أبوه قبل أن يبلغ ، ولذا صح عنه عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود ( لا يُتم بعد احتلام ) من بلغ فإنه لا يوصف – ولو كان أبوه قد مات في صغره – لا يوصف بأنه يتيم ، إنما اليتيم من مات أبوه قبل أن يبلغ ، ثم إن اليتيم ليس من ماتت أمه ، اليُتْم لا يكون إلا بفقد الأب في الآدميين ، أما في البهائم فإن اليُتم في البهائم يكون بفقد أمهاتهم .

عباد الله – من أجل هذا الطفل جاء الشرع الحكيم بذكر حقوق هذا الطفل ، بل إن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يكون محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ناشئا في اليُتم ، ويتمه صلوات ربي وسلامه عليه بمثابة البلسم والدواء لهؤلاء اليتامى ، ويُتمه صلى الله عليه وسلم لنا معه موقف يسير لا نكثر من تفاصيله ، وإنما نذكر شيئا منه ، وإلا فإن يُتمه يحتاج إلى مزيد حديث ، مات أبوه وهو صلى الله عليه وسلم حملٌ في بطن أمه قبل أن يرى الدنيا بثلاثة أشهر ، وخرج من بطن أمه صلوات ربي وسلامه عليه ولم يجد أباه ، خرج صلى الله عليه وسلم من بطن أمه ولم يجد إلا أمه ، وكانت العادة آنذاك في الجاهلية أن تأتي المراضع من أطراف مكة لأخذ المواليد التماسا للأجر ، فجاءت المراضع وأخذت كل امرأة طفلا رضيعا لتتولى رضاعته ، ولكن باب آمنة بنت وهب لم يطرق بابها أحد ، لم ؟ لأن من ينشأ يتيما لا يؤبه له ، وأخشى بل أحذر أن يكون في مجتمع من المجتمعات الإسلامية ما وصف به الشاعر حال اليتيم :

يمشي اليتيم وكلٌ شيء ضده

والناس تُغلق دونه أبوابها

وتراه ممقوتا وليس بمذنبٍ

ويرى العداوة لا يرى أسبابها

حتى الكلاب إذا رأت رجل الغنى

حنَّت إليه وحركت أذنابها

وإذا رأت يوما يتيما ماشيا

نبحت عليه وكشَّرت أنيابها

ويترفع مجتمعنا إن شاء الله تعالى عن مثل هذا الوصف .

قال الهيثمي رحمه الله في مجمع الزوائد " جاء عند الطبراني بإسناد رجاله ثقات " أن آمنة لما لم يطرق بابها أحد إذا بامرأة مرضعة لم تجد أحدا تأخذه من هؤلاء الأطفال ، وهي " حليمة السعدية " فطرقت باب آمنة ، فبدل أن تعود إلى ديار بني سعد خالية اليدين أخذته ، فلما أخذته وأتى صلوات ربي وسلامه عليه إلى ديار بني سعد أنبتت الأرض عشبها بعد أن كانت صحراء جدباء قاحلة ، وأدرَّت الضروع ألبانها بعد أن كانت ممحلة ، حتى قال زوجها يا حليمة ما رأيت طفلا أعظم بركة من هذا الطفل ) إنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فما إن انتهت مدة الرضاع ، حتى عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة وأخذته أمه آمنة بنت وهب ، وكانت في ذلك في سن الخامسة والعشرين أرادت أن تزور بالنبي صلى الله عليه وسلم أخوال أبيه في المدينة ، فأخذته وهو صلى الله عليه وسلم في سن السادسة من عمره وهي في سن الخامسة والعشرين ، فانطلقت ومعها جاريتها أم أيمن " بركة " فأتوا إلى المدينة ولما عاد هذا الموكب الثلاثي وفي مكان له " الأبواء " إذا بآلام تتجرع غصصها آمنة ، ومعها من ؟ معها طفلها ومعها جاريتها ، وهو لا يعلم صلوات ربي وسلامه عليه أن هذا هو المصير المحتم لأمه ، وإذا بالموت يقضي على أنفاس آمنة فلم يبق إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه تلك الجارية في ذلك المكان الذي ينظر فيه يمنة ويسرة ولا يرى إلا تلك الجبال ولا يسمع إلا صوت الرياح ، فرجع صلوات ربي وسلامه عليه فقد أمه وهو في سن السادسة من عمره ، فرجع مع جاريته إلى مكة ، فتولى رعايته جده عبد المطلب ، ولكن قضاء الله عز وجل نافذ لم يبق عليه الصلاة والسلام بعد رجوعه من المدينة وبعد وفاة أمه وهي في زهرة الشباب في ريعان الصبا وهي في سن الخامسة والعشرين ، لم يبق عند جده إلا سنتين ، وإذا بالموت يهجم على جده عبد المطلب ، فمات وعُمْر النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنوات ، وهكذا تقلَّب النبي صلى الله عليه وسلم على بساط اليتم أكثر من مرة – إن صح التعبير – فقد أباه قبل أن يرى الدنيا بثلاثة أشهر ، وقد أمه وهو في سن السادسة من عمره ، فقد جده وهو في سن الثامنة من عمره

إذا عُرف ذلك فإنه يجب أن يمحو كل يتيم ما قد يجول في خاطره من أنه لا قدر له ولا مكانة ، أو أنه لا فائدة منه ، بل يجب أن تمحى تلك الصورة التي قد يأخذها بعض الناس عن اليتامى من أن بعضهم قد لا يكون لا فائدة منه ولا طائل من ورائه ، هذه صورة مبسطة عن جنس من ذكور اليتامى ، إليكم صنفا آخر من ذكور اليتامى :


جــزاك الله خيـــراً غاليتـــي ..
وفقـــك الله و رعـــاك وســدد خطــــاك ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.