خدش في العقيدة 2024.

خدش في العقيدة(3)

(( الطيرة ))التطير لغةً / التشاؤم قال تعالى{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} (47) سورة النمل أي تشاءمنا بك وبمن معك فأجابهم صالح عليه السلام بأن شؤمهم ينتظرهم عند الله في الدار الآخرة لأن جزاء من لم يتبعه النار

اصطلاحاً / هي التشاؤم بالطيور وغيرها وقد كان أهل الجاهلية يزجرون الطير فإن اتجه يميناً قالوا سانح أي سنحت الفرصة لتنفيذ العمل وتفاءلوا وإذا اتجه شمالاً قالوا بارح أي مستقر كقول أحد إخوة يوسف{ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }(80) سورة يوسف وتشاءموا واستقروا مكانهم وتركوا ما كانوا عازمين على فعله ، وإن استقبلهم قالوا ناطح أو نطيح وإذا استدبرهم قالوا قاعد أو قعيد ويتشائمون من ذلك كله ، وربما كان تشاءمهم بمسموع كتشائمهم بصوت البومة فإذا نعقت على بيت أحدهم قال : نعت إليَّ نفسي أو أحد أهل بيتي ، ويتشاءم أحدهم إذا سمع قائلاً يقول يا خائب يا خسران ونحو ذلك ، وربما كان تشاؤمهم بمرئي كما لو رأى معتوهاً أو مشلولاً أو نحو ذلك ، ويتشائمون بشهر صفر المعروف 0 فجاء الدين بنبذ هذه المعتقدات وأن هذه المخلوقات لا تضر ولا تنفع وأن الضار النافع هو الله وحده جل في علاه ولذلك وصم النبي صلى الله عليه وسلم المتطيرين بالمشركين لكونهم يعتقدون الضر والنفع فيما سوى الله ، فالطيرة لا تتفق مع التوحيد فالموحدين يعلمون أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله وأن هذه المخلوقات ليس بيدها ضرٌ ولا نفع ، وتنافي التوكل والاعتماد على الله وتنافي الرضا بقضاء الله وقدره ، وتزرع في النفس الجبن والخوف والتردد ، وتنزع منه العزيمة والإقدام والشجاعة ، وتجعله أسيراً لوساوس الشيطان وتخويفه ، فأضرارها الدينية والدنيوية كثيرةٌ ولا خير فيها البتة 0

والتطير أنواع :
الأول / أن يعتقد المتطير أن ما تطير به هو الذي يجلب الخير أو يدفع الشر بذاته فهذا شركٌ أكبر لأنه اعتقد في المخلوق نفعاً وضراً من دون الله وهذا شرك 0
الثاني / أن يعتقد أن الله تعالى هو الذي يجلب الخير ويدفع الشر وأن هذه الأشياء التي تطير بها إنما هي أسباب وعلامات للخير والشر فهذا شركٌ أصغر إذا استرسل معه وصده عن حاجته أو مضى إليها بسببه فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الطيرة شرك ، الطيرة شرك ، الطيرة شرك ، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل ) رواه أبو داود واللفظ له والترمذي وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم ( 3098 ) وقال الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل يقول كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث ( وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل ) هذا عندي قول ابن مسعود . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك ) قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك قال أن يقول أحدهم ( اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك ) رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( 1065 )

الثالث / أن يقع في قلبه شيءٌ من التطير فيصده ويدافعه ويستعين بالله ويتوكل عليه ويمضي لمقصده فلا شيء عليه 0 فعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال فلا تأتوا الكهان قال قلت كنا نتطير قال ذلك شيءٌ يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم . قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبيٌ من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك . رواه مسلم وعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( أحسنها الفأل ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله ) رواه أبو داود وضعفه الألباني فيه حديث رقم ( 3919 )

وأما التفاؤل فهو مشروع فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل ) قال قيل وما الفأل قال ( الكلمة الطيبة ) متفق عليه وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا طيرة وخيرها الفأل قالوا وما الفأل ؟ قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ) متفق عليه وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجةٍ أن يسمع يا راشد يا نجيح . رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم ( 4978 ) وعن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء فإذا بعث عاملا سأل عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح به ورئي بشر ذلك على وجهه وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك على وجهه وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح به ورئي بشر ذلك في وجهه وإن كره اسمها رئي كراهية ذلك في وجهه . رواه أبو داود وصححه الألباني فيه حديث رقم ( 3920 ) وقوله ( أحسنها الفأل ، وخيرها الفأل ) وفسره بالكلمة الطيبة مع أن الفأل مضادٌ للطيرة في الأصل لاكن لما كان أهل الجاهلية يتفاءلون أحياناً باتجاه الطير لليمين وبسماع مثل كلمة يا رابح ويانجيح ويا راشد ونحو ذلك من الكلمات الطيبة جعله أحسن ما يفعلونه في ذلك ، والتفاؤل فيه حسن ظنٍ بالله وتوكلٌ واعتمادٌ عليه ، بخلاف الطيرة التي فيها سوء ظنٍ بالله وعدم تسليم الأمور إليه ، وكره النبي صلى الله عليه وسلم للاسم المكروه ليس تطيراً بذلك ولكن لمحبته للتفاؤل بالاسم الطيب فلما فاته ذلك بالاسم المكروه حزن ورؤي كراهية ذلك في وجهه عليه الصلاة والسلام بدلالة أول الحديث والله تعالى أعلم 0
المرجع كتاب ( طريق الناجين في بيان عقيدة الموحدين )

يجزاك ربي كل خير
مشكوووووووووووووووره

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.