عقاب الأبناء مهارة وفن العناية بالأطفال 2024.

عقاب الأبناء .. مهارة وفن

عقاب الأبناء .. مهارة وفن

ليس المقصود بالتربية الشدة والضرب والتحقير ، كما يظن الكثير ، وإنما هي مساعدة الناشئ للوصول إلى أقصى كمال ممكن … هذا وإن ديننا الحنيف رفع التكليف عن الصغار، ووجه إلى العقاب كوسيلة مساعدة للمربي ليعالج حالة معينة قد لا تصلح إلا بالعقاب المناسب الرادع، وذلك بعد سن التمييز كما يبدو من الحديث النبوي الشريف: "مروا أولادكم بالصلاة ، وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر".

ونستشف من هذا الحديث الشريف أن الضرب من أجل تعويد الطفل الصلاة لا يصح قبل سن العاشرة ، ويحسن أن يكون التأديب بغير الضرب قبل هذه السن وأما نوعية العقاب فليس من الضروري إحداث الألم فيه ، فالتوبيخ العادي الخفيف ، ولهجة الصوت القاسية مثلا يحدثان عند الطفل نفس التأثير الذي يحدثه العقاب الجسمي الشديد عند من عود على ذلك . وكلما ازداد العقاب قل تأثيره على الطفل ، بل ربما أدي إلى العصيان وعدم الاستقرار .

لذلك فالعقاب يجب أن يتناسب مع العمر ، إذ ليس من العدل عقاب الطفل في السنة الأولى أو الثانية من عمره ، فتقطيب الوجه يكفي مع هذه السن ، إذ أن الطفل لا يدرك معنى العقاب بعد . وفي السنة الثالثة قد تؤخذ بعض ألعاب الطفل لقاء ما أتى من عمل غير مناسب.

ولا يصح بحال أن يكون العقاب سخرية وتشهيرا أو تنابزاً بالألقاب ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" (الحجرات – الآية 11 ).

أين هذا التأديب الرباني ممن ينادون أبناءهم :يا أعور ، يا أعرج ، فيمتهنون كرامتهم . وبعض الآباء قد تعودوا على ضرب أبنائهم على كل صغيرة وكبيرة.

ويرجع ضرب الأبناء من قبل آبائهم إلى عدد من العوامل اجتماعية ونفسية وثقافية منها :
1 . الجهل التربوي:
العديد من الأهل لا يدركون الآثار السلبية لأسلوب التسلط على شخصية الطفل ومستقبله .
2 . أسلوب التسلط:
قد ينعكس هذا الأسلوب على الأهل من التربية التي عاشوها في صغرهم.
3 . الاعتقاد:
بأن أسلوب العنف هو فقط المجدي من أجل ضبط النظام والهدوء في البيت وهو أسهل الأساليب للوصول إلى الهدف.
قد يدرك بعض الأهل الآثار السلبية لضرب الأبناء فيمتنعون عن استخدامه و يلجأون لأسلوب التهكم والسخرية ، العقوبة المعنوية والتي لا تقل تأثيرا على نفسية أبنابهم .
4 . الظروف الاجتماعية:
التي يمر بها الأهل في العمل والبيت قد يفرغها أحد الوالدين في إطار الأسرة مما ينعكس سلبا على نمو ونفسية أطفالهم .

آثار العقاب الجسدي على الأبناء
إن الأطفال الذين يتعرضون للقهر أو للتخويف أو للضرب يحاولون الحصول على القوة من خلال
الانتقام الذي يوجهونه للآخرين لأنهم يحسون بالألم وسوف يمارسون كل نشاط يؤدي إلى إيذاء
الآخرين، فالانتقام عند طفل الثانية قد يحدث من خلال بعثرة أطباق الطعام وبعد بلوغه قد يكون الانتقام من خلال الجنوح ومقارعة القيم الاجتماعية.
ويؤكد الأخصائي النفسي سامي محاجنة المحاضر في جامعة حيفا أن تأثيرات العقاب على الفرد قد تتراوح من تأثيرات بسيطة إلى تأثيرات مرضية.

فمن الناحية الأولى البسيطة قد لا يتعلم الطفل شيئا بواسطة العقاب ونحن أصلا أردنا بالعقاب تعليمه أشياء مرغوبة ومنعه عن أمور غير مرغوب بها، وذلك لأن العقاب أصلا معروف على أنه وسيلة لقمع سلوك غير مرغوب به . من خلال هذا التعريف لا يمكن للطفل أن يتعلم أشياء جديدة أو ما هي الأشياء المرغوب بها، بالتالي فإن استعمال العقاب يؤدي إلى تقليل احتمالات السلوك بما أنه لا يتم تعليم الطفل أشياء جديدة وإنما فقط قمع سلوكيات غير مرغوب بها .
من الناحية الأكثر شدة ، استعمال العقاب القاسي والمتكرر قد يؤدي إلى نمو نماذج سلوك
مرضية أولها سلوك خنوع بمعنى أنه تنعدم لديه المبادرة والاستقلالية والتي قد تترجم بالحياة اليومية إلى ما نسميه الخجل لكن بشكل مبالغ فيه حيث ينعدم استعداد الطفل التعبير عن قدراته كذلك قد ينشأ لديه شعور بالشك بقدراته وذلك لأنه عوقب على سلوكيات قام بها. وذلك بالنسبة له يعني انه غير قادر على القيام بسلوكيات ترضي والديه.
من الناحية الأخرى قد تٌكون داخله تراكم لغضب وخيبات أمل كثيرة والتي قد تترجم بحالات معينة إلى انفجارات عنف وغضب شديدة مستقبلا هذه السلوكيات قد تصبح أشد، مما يؤدي إلى رؤية شخصية سلبية تجاه الذات والأصعب كما تشدد الأبحاث أنه غالبا ما يتحول هذا الطفل المعاقب إلى أم أو أب معاقب .
وقد صدرت مؤخرا من جامعة نيو هامشبر البريطانية دراسة علمية تؤكد أن التلاميذ الذين تعرضوا
للضرب كثيرا في المنزل تدهورت قدراتهم في التفكير والقراءة والحساب.
ويؤكد الدكتور في علم الاجتماع أحمد سليمان أن هناك تأثيرا آخر للعقاب البدني على الطفل يتمثل في تكوين ميول واتجاهات سلبية نحو الشخص المعاقب مثل كراهية الأب والأم أو المعلم وتظل هذه
الكراهية سببا يعوق تقدمه دائما في الحياة العملية وتحول دون أن يكون عضوا مؤثرا في مجتمعه،
كما أكد سليمان على ظاهرة توريث العنف من الآباء إلى الأبناء مشيرة إلى دراسة علمية تبين أن 96 ٪ من الآباء الذين يضربون أبناءهم قد تعرضوا للضرب في صغرهم .(يتبع)

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
تسلمى يا قمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.