مناهج التعليم ودورها في البناء والهدم
يقول الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:164].
وقال الله عز وجل: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:52].
وقال أيضاً: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:15-16].
وقال عز وجل: {إِنَّ هَذَا القُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء:9].
– كان المسلمون يتلقون علوم الإسلام في سهولة ويسر، وكانت منابع الإسلام الأصيلة ما تزال محفوظة في أساليب بيانها وإيضاحها من الأساليب الدخيلة عليها، والتي لم تشب بأساليب اليونان، من الفلسفة، ولا بالجدل العقيم الذي كان أسلوب المتكلمين في الأعصرة المتأخرة.
– أهمية تلقي العلم في المساجد وبركة المساجد وما ينطوي عليه طلب العلم في المسجد من إخلاص النية، وحسن العلاقة بين العالم والمتعلم.
– إن الأعداء في صياغتهم للمواد العلمية البحتة لم يعرضوها عرضاً قاصراً على المادة نفسها، ولكنهم يدسون فيها ما لا علاقة لها به البتة.
فمثل: الكيمياء، والفيزياء، وغيرهما قد حشيت بأفكار إلحادية وطبيعة مادية، من تلك المذاهب التي عاصرت نشأة هذه العلوم والتي ألَّهت الطبيعة لذلك لابد للمسلمين من أن يعيدوا صياغة هذه العلوم على الشكل الذي يعطي الثمار المطلوبة منها فقد أصبحت دراستها من الأمور الضرورية، وفي نفس الوقت لا يكون لدراستها عواقب سيئة، من حيث سلامتها من الأفكار الدخيلة المدسوسة فيها.
– لقد نشأت العلوم الإنسانية: الفلسفة، والاجتماع، وغيرهما، وكذلك العلوم الكونية: كالفيزياء والكيمياء.. وغيرهما في أوروبا في الوقت الذي كانت تطغى فيه هذه المذاهب الإلحادية، فمزجت هذه الثقافة المختلفة، بهذه المذاهب الإلحادية، ثم نقلت إلى العالم الإسلامي كما هي، ولذلك ترى كثيراً من النظريات اليهودية والإلحادية تدرس في مدارس وجامعات البلاد الإسلامية كنظرية داروين، وفرويد، وديكارت، وغيرهم، ولذلك لابد من تحرير هذه العلوم مما علق بها لتصبح إسلامية خالصة.
فالأسس التي أقام عليها الأعداء مناهجهم مبنية على مفهومات وتصورات، تتناسب مع ما هم عليه من تصورات ومعتقدات، كلها مناهضة للإسلام؛ لأنها قائمة على رفض الدين، واستبداله بالوثنية، وتفسير كل شيء من حول الإنسان تفسيراً مادياً شهوانياً، فلماذا نسير نحن المسلمين وراءهم بالتقليد الأعمى، ونتعامى عن عقيدتنا وعن تصوراتنا ومفهوماتنا الخاصة بنا والمميزة لنا عن غيرنا من الأمم الكافرة، والمذاهب الأخرى المعادية للإسلام والتي عاصرت نشأة هذه العلوم، والتي تتمثل في:
– الطبيعة: (المذهب الطبيعي).
ب - المادة: (المادة الجدلية، والماركسية).
ت – العقل: (المذاهب العقلية).
ث – الغرائز: (الوجودية).
ج – القومية: (النزعة القومية المغالية التي تتخذ من القومية عقيدة…).
– إن الثقافة عندما تكون مقتبسة من بلاد تختلف عن عقائدنا، وأفكارنا وعاداتنا، ونظام حياتنا، فإنها سوف تنشيء في أبنائنا عقلية مشابهة للعقلية التي صيغت لها تلك الثقافة، وحينئذ لا قيمة لما يمارسه الطالب من بعض المظاهر الإسلامية أو الشعائر الدينية، التي يحرص البعض على المحافظة عليها؛ لأن الأساس الفكري ليس أساساً إسلامياً سليماً، ولا يولد تفكيراً ولا سلوكاً إسلامياً في الحياة الفردية ولا الاجتماعية.
– إن من الأساليب المتبعة اليوم والتي تؤدي إلى تخرج طوابير من الجهلة بالدين الإسلامي: طرائق التدريس القائمة اليوم؛ فهي لا تربط الطالب بمصطلحات أسلافنا، حتى يصبحوا قادرين على استيعاب التراث والاستفادة منه ونشره، كما أن المناهج ليست من القوة بحيث تكون بديلاً عن تراث السلف وحينئذ يصبح الطالب في حالة من الجهل الذي لا يخوله الاستفادة من الماضي، ولا يخرج منها بالعلوم الكافية، وهذه ظاهرة خطيرة قد تؤدي بالأمة إلى الجهل المطبق وإلى ضياع العلوم الشرعية.
ومن هذه الأساليب: اختيار المدرس الذي يفقد القدرة على العطاء، والذي لا يؤمن بما أسند إليه من مواد إسلامية، والذي لا يعطي من نفسه القدوة الصالحة، بل يمسخ بأفكاره الضالة ما أسند إليه، أو يكون على حالة يحمل طلابه على السخرية والاستهزاء منه، وبالتالي احتقار المادة التي يقوم بتدريسها وعدم المبالاة أو الاهتمام بها.
يتبع