فؤائد الفجل الأبيض ,,,,,,, -لصحة المرأة 2024.

فؤائد الفجل الأبيض ,,,,,,,

(الفجل الأبيض )

( يذيب الدهون ويخلصك من سمنة الأرداف (
يعتبر د. ( كريس سميث ) مستشار التغذية
ومن أكبر أنصار الدعوة للتغذية النباتية
كأسلوب غذائي للاستمتاع بالرشاقة والحيوية ..
وقد قام بعمل دراسات على معظم الأغذية النباتية
لمعرفة تأثيرها وأثرها على أنسجة الجسم
وتوصل إلى عدة حقائق مذهلة

جعلت ( الفجل الأبيض )

يأتي في مقدمة الأغذية
التي يوصى بها في برامج إنقاص الوزن الزائد.
حيث ثبت أن (الفجل الأبيض (
يساعد على إذابة الدهون الزائدة والتخلص منها
و بالتالي المساعدة في إنقاص الوزن الزائد ..
وتعتبر سمنة ( الأرداف (
من أكثر المشاكل التي تؤرق المرأة ذات الوزن الزائد

وثبت أن ( الفجل الأبيض (

يساعد في حل هذه المشكلة
عن طريق المساعدة في إذابة الدهون في تلك المنطقة ..

وأكد ( كريس سميث (
أن الخضراوات الورقية تعتبر وسيلة فعالة لإنقاص الوزن الزائد ،

لذلك ينصح خبراء التغذية
بألا تقل كمية الخضراوات الورقية عن 25-35%
من إجمالي كمية الوجبات الغذائية
سواء كانت تؤكل طازجة أو مسلوقة أو مطبوخة
على أن يمثل ( الفجل الأبيض ) جزءاً من هذه النسبة لما له من تأثير فعال
في التخلص من الدهون وخاصة منطقة ( الأرداف)
كذلك يمكن تناول ( الخضراوات الطازجة (
بين الوجبات الغذائية دون خلل بالمحتوى السعرى المتناول يومياً،
حيث إن وجود تلك الأغذية الغنية بالألياف وخاصة ( الفجل الأبيض )
يسهل عمليات حرق السعرات والدهون الزائدة وخاصة بمنطقة ) الأرداف)

( والفجل الأحمر (

مفيد جداً للمصابين بالأنيميا ..
لأنه شديد الغنى بالحديد ..
ومفيد كذلك للمصابين بالأمراض الجلدية ..
لاحتوائه على مادة الكبريت المهمة للجسم ..
ومفيد كذلك للمصابين بأمراض المرارة والنقرس ..
لقدرته الفائقة على إذابة الدهون والأملاح ..

وكذلك مفيد جداً لتقوية الشعر ..!

لذلك أكثروا من تناوله .. ليكون شعركم رائع الجمال ..
وذلك لأنه يحتوي على كلٍّ من
.. اليود .. والكبريت .. والماغنيسيوم .. والرافينول ..
وكذلك يساعد على تحسين لون الجلد
.. وإعطاءه رونقاً وصفاءً ..

( الفجل الأبيض ) وصحة الأسنان ..

كما هو معروف فإن رائحة ( الفجل ) اللاذعة تفتح الجيوب الأنفية ..
وقد توصل العلماء
إلى أن أكله قد يساعد في الوقاية من السرطان ..
والآن يقول العلماء إنه ربما يساعد كذلك في منع ( تساقط الأسنان )
وقال أحد الباحثين ( اليابانيين (
إن نفس المكونات الكيميائية التي تعطي ( الفجل (
مذاقه الحراق ورائحته النفاذة توقف نمو الميكروبات ( المسببة للتسوس )
وأشار إلى أن ( الفجل (
يحتوي على مادة ( ايسوثيوسياتاتس )
التي تكبح نشاط أنزيم يلعب دورا مهما في تكون طبقة الجير على ( الأسنان)
ومن الجدير بالذكر هنا أن ( الفجل )
يحظى بسمعة طيبة منذ فترة طويلة
على انه يمنع ( جلطات الدم الخطيرة (
ويقلل احتمالات الإصابة ( بالسرطان ( الله يبعدنا وإياكم عنه إن شاء لله
وانه مفيد أيضا في مكافحة ( الأزمات الربوية(منقول ….خليجية

يسعدني أكون أول من يرد عليك
موضوعك مفييييييد جدا
لك مني أحلى تقييم

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة twix خليجية
يسعدني أكون أول من يرد عليك
موضوعك مفييييييد جدا
لك مني أحلى تقييم

جزاك الله كل خير …والبسك لباس العافية ….خليجية

ثااااااانكس

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hac-q8 خليجية
ثااااااانكس

ويلكم …حبيبتي …شكرا على المرورخليجية

غيرة صديقتي الشديده 2024.

غيرة صديقتي الشديده

يرضى عليكم يا الادراه الحلوه نزلو الموضوع خليجيةخليجية

صديقتي خطبها واحد تعرفه من شغلها يعني يوم كانو يرحون مؤتمرات و ندوات و كذا كان يشوفها وسال عنها و تكلم معها كم مره وتنافشو لان طبيعة العمل والندوات بعضها لازم يكون فيه نقاش ولين خلصو الناس تتبادل الاراء و قدر يعرف بيتهم وكل شي وبعد فتره خطبها طبعا هي يوم درت انه اهو ما اعجبها لكن قامت تفتش عليه الاخت من تحت لتحت وصلت استخاره ووافقت خليجية وخطوبتها كانت بالنسبه لي صدمه لانها مره مو معبره الشباب وماتفكر بالزواج وقالت لي انهم يوم كلمو امي امي بالعاده تقول لهم ماتفكر بزواج لكن هالمره امي جت وكلمتني ويوم قالت لي اسمه قلت يمكن تشابه اسماء لكن طلع هو نفسه واستخرت
الشي الي صدمني اكثر اني ماتوقعتها تغار الى هالدرجه عليه وتحاول تكون بمثابة سجن له وانا اعرفها ماقد شفتها غارت من احد او انتقدت او تكلمت على احد من باب الغيره

ومتى وضحت غيرتها يوم اتفق مكان عملهم مع مكانا على تدربيهم عندنا لمدة اربعة اشهر عشان من بدا تدريبه عندنا واحسها بس قاعده مراقب له من تحت لتحت يعني مايبان انها تراقبه لان مكان العمل مختلط و المسؤول عن تدريبه حريم ورجال وهو المسكين مو مقصر معها اي وقت فراغ يلقاه يجي يقعد عندها ومرات ياخذها ويرحون مطعم لكن فيه بنات الله يهديهم ان شافو اي واحد وسيم ومثقف واهله بخير يحالون يلفون عليه وفيه مايدرون انه خاطب اصلا فشان كذا ماخذين راحتهم عاد صديقتي مره تغيرت احس بس دايما معصبه ومالها نفس تكلم احد فمره نزلت اخذ غدا وكان خطيبها واقف مع اصحابه وجت بنت تلقفت عليهم وتدلعت ووقفت جنبه هو بتحديد ورحت من المكان بعد بكم يوم جى يكلم صديقتي يقول لها تبين نطلع اليوم قالت لا رح مع اصحابك القعده معهم احلى قالها وش فيك زعلانه قالت لا زعلانه ولاشي مو فاضيه عندي شغل هو انحرج ويوم سألتها وش فيك قالت ذاك اليوم كنا بنطلع نتغدا وقالي اعذرني اليوم بتغدا مع الشباب يوم نزلت اجيب غدا لقيته واقف مع واحده سالتها يوم الاثنين قالت ايه قلت لا انا شايفتهم هي جت عندهم وخطيبك ما كلمها هي الي قاطه وجه ومتى نزلتي انت قلت ماتبين غدا قالت مريت من عند المكان وشفته بصدفه وهو ليه يكذب واحاول اقنع فيها ان البنت الي جت عندهم مو راضيه تصدق واليوم الثاني جى وحاول يعرف وش فيها وماترد عليه
صديقتي مره اختلفت من بعد الخطوبه وصارت دقق عليه على اصغر شي وتسفه فيه وطنشه ومو معبرته وانا مابي ادخل بينهم بس انصحها بشكل غيرمباشر
حتى تخيلو قامت تروح تخلص شغلها في مكان ثاني عشان لين جى مايلقها وتقولي انا مو معبرته على اي مكان ليه يكذب اقولها بوش كذب تقول كل شوي عنده اعذاره هذا الكلام كله في شهر ونصف تقريبا من تدربيه وتدرون وين المصيبه وش الي هامني من هذا كله صحتها تخيلو نقصت خمسه كيلو في الشهر والنصف من الغيره والغضب الي بداخلها
اقولها طيب ياختي قولي له انك ماتحبين كذا وكلميه باسلوب غير مباشر تقول مابي احسها بتنفجر خلاص من كثر ماهي كابته اجل باقي المده وش يصير فيها وهي دايما تشتكي لي انا لاني صديقتها المقربه بس ما توقعت انها مجرد ماتخطب تتغير وينقلب وضعها كذا وفوق هذا كله انها تطلب مشورتي ولين قلت لها شي مايعجبها يعني البنت على اخر المده بتقلب مومياء اذا استمر هذا حالها

رفع
الله يكون بعونها يا اختي
من كذا انا ضد ان الازواج او الاقارب يشتغلون في مكان واحد مهما صار الا ما يكون فيه غيره لازم هي تتفهم و تكون على ثقه اكبر بزوجها هي بس تشك من دون حتى ما تتأكد اختي انت انصحيها و كلميها واي مكان مختلط الا مايجون بنات وشباب يرمون نفسهم على العاقل والي موعاقل وحاولي لا تدخلي كثير عشان لا تشك فيك بعد لانك دافعي عنه
عشانه اول شاب في حياتها فغيرتها شي طبيعي انها تكون زايده
انصحيها تخفف شوي علي الرجال واﻻ ترى بيطفش منها ﻷن الرجال مايحبون النكديات
وﻻزم يصير في ثقه واﻻ بتتعب واصلا ليش تراقبه ؟؟؟
الشيطان مع مراقبتها بيصور لها اشياء وتخيلات مالها داعي وبتفقد لذة الخطوبه
الخطوبه مرحله حلوه ﻻتخرب على نفسها بالغيره الزايده والنكد والزعل اللي ماله داعي

هل ستمتلك دموعك عند قراءة هذه القصة؟؟؟ في الاسلام 2024.

هل ستمتلك دموعك عند قراءة هذه القصة؟؟؟

هل ستمتلك دموعك عند قراءة هذه القصة؟؟؟

——————————————————————————–

كاد يجنُّ من الفرح ، و يطير من فرط السعادة ؛ ولم تسعه ثيابه كما يقال ؛ عندما سمع نبأ قبوله في البعثة الخارجية إلى فرنسا . كان يشعر أنه سيمتلك الدنيا ويصبح حديث مجالس قومه ؛ وكلما اقترب موعد السفر، كلما شعر أنه أقبل على أبواب العصر الحديث التي ستفتح له آفاقاً يفوق بها أقرانه وأصحابه ..

شيءٌ واحدٌ كان يؤرقه .. ويقضُ مضجعه .. كيف أترك مكة ! سنين طوالاً وقد شغف بها فؤادي وترعرعت بين أوديتها ، وشربت من مائها الحبيب من زمزم العذب ، ما أنشز عظامي وكساها لحماً ! ؛ وأمي ..أمي الغالية من سيرعاها في غيابي .. إخوتي يحبونها .. لكن ليس كحبي لها .. من سيوصلها من الحرم لتصلي فيه كل يوم كعادتها ؟! .. أسئلة كثيرة .. لا جواب عليها . أزف الرحيل .. وحزم الحقائبَ ؛ وحمل بيده التذاكرَ .. وودع أمَّـه وقبلَّ رأسها ويديها .. وودع إخوته وأخواته .. واشتبكت الدموعُ في الخدود .. وودع مكة المكرمة والمسجد الحرام .. وسافر والأسى يقطّع قلبه …

قدم إلى فرنسا بلادٍ لا عهد له بها .. صُعق عندما رأى النساء يملأن الشوارع بلا حياء .. وشعر بتفاهة المرأة لديهم .. وحقارتها وعاوده حنينٌ شديد إلى أرض الطهر والإيمان .. والستر والعفاف ..

انتظم في دراسته .. وكانت الطامة الأخرى !! يقعد معه على مقاعد الدراسة .. بناتٌ مراهقاتٌ قد تجردن من اة مظاهر للعفه او للحياء.. ! ؛ كان يدخل قاعة الدرس ورأسه بين قدميه حياءً وخجلاً !! ولكنهم قديماً قالوا : كثرةُ الإمساس تُفقد الإحساس .. مرَّ زمنٌ عليه .. فإذا به يجد نفسه تألف تلك المناظر .. بل ويطلق لعينيه العنان ينظر إليهن ..

أتقن اللغة الفرنسية في أشهر يسيرة !! وكان مما شجعه على إتقانها رغبته في التحدث إليهن .. مرت الأشهر ثقيلةً عليه .. وشيئاً فشيئاً ..وإذا به يقع في أسر إحداهن من ذوات الأعين الزرقاء ! والعرب قالوا قديماً : زرقة العين قد تدل على الخبث..

ملكت عليه مشاعره في بلد الغربة .. فانساق وراءها وعشقها عشقاً جعله لا يعقل شيئاً .. ولا يشغله شيءٌ سواها .. فاستفاق ليلة على آخر قطرة نزلت من إيمانه على أعقاب تلك الفتاة .. فكاد يذهب عقله .. وتملكه البكاء حتى كاد يحرق جوفه .. ترأى له في أفق غرفته .. مكةُ .. والكعبةُ .. وأمُّه .. وبلاده الطيبة ! احتقر نفسه وازدراها حتى همَّ بالانتحار ! لكن الشيطانة لم تدعه .. رغم اعترافه لها بأنه مسلمٌ وأن هذا أمرٌ حرمه الإسلام ؛ وهو نادمٌ على مافعل .. إلاَّ أنها أوغلت في استدارجه إلى سهرة منتنةٍ أخرى .. فأخذته إلى منزلها .. وهناك رأى من هي أجمل منها من أخواتها أمام مرأى ومسمع من أبيها وأمها ! لكنهم أناسٌ ليس في قاموسهم كلمة ( العِرض ) ولا يوجد تعريف لها عندهم .. لم يعد همُّه همَّ واحدٍ .. بل تشعبت به الطرق .. وتاهت به المسالك .. فتردى في مهاوي الردى .. وانزلقت قدمه إلى أوعر المهالك ! ما استغاث بالله فما صرف الله عنه كيدهن ؛ فصبا إليهن وكان من الجاهلين ؛ تشبثن به يوماً .. ورجونه أن يرى معهن عبادتهن في الكنيسة في يوم (الأحد) .. وليرى اعترافات المذنبين أمام القسيسين والرهبان !! وليسمع الغفران الذي يوزعه رهبانهم بالمجان ! فذهب معهن كالمسحور ..وقف على باب الكنيسة متردداً فجاءته إشارة ٌمن إحداهن .. أن افعل مثلما نفعل !! فنظر فإذا هن يُشرن إلى صدورهن بأيديهن في هيئة صليبٍ !.. فرفع يده وفعل التصليب ! ثم دخل !! .رأى في الكنيسة ما يعلم الجاهل أنه باطل .. ولكن سبحان مقلب القلوب ! أغرته سخافاتُ الرهبان ، ومنحُهم لصكوك الغفران .. ولأنه فَقَدَ لذة الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم "إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظُّلّة ؛ فإذا أقلع رجع إليه*" .. فقدْ أطلق أيضاً لخياله العنان .. وصدق ما يعتاده من توهمِ ؛ فكانت القاضية .. جاءته إحداهن تمشي على استعلاء ! تحمل بيدها علبة فاخرة من الكرستال ؛ مطرزة بالذهب أو هكذا يبدو له .. فابتسمت له ابتسامة الليث الهزبر ؛ الذي حذر من ابتسامته المتنبي فيما مضى ..

إذا رأيت نيوب الليث بارزةً
فلا تظنن أن الليث يبتسم

فلم يفهم ! .. .. فقدّمت له تلك الهدية الفاخرة التي لم تكون سوى صليبٍ من الذهب الخالص !! وقبل أن يتفوه بكلمة واحدة ؛ أحاطت به بيدها فربطت الصليب في عنقه وأسدلته على صدره وأسدلت الستار على آخر فصل من فصول التغييرالذى بدا بانجداب وفضول ؛ وانتهى بِردّةٍ وكفرٍ ؛ نسأل الله السلامة والعافية !.

عاش سنين كئيبة .. حتى كلامه مع أهله في الهاتف فَقَدَ ..أدبَه وروحانيته واحترامه الذي كانوا يعهدونه منه .. اقتربت الدراسة من نهايتها .. وحان موعد الرجوع .. الرجوع إلى مكة .. ويا لهول المصيبة .. أيخرج منها مسلماً ويعود إليها نصرانياً ؟! وقد كان .. نزل في مطار جدة .. بلبس لم يعهده أهله..
وقلبٍ « أسود مرباداً كالكوز مجخياً .. لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً » ..
عانق أمَّه ببرودٍ عجيبٍ .. رغم دموعِها .. وفرحةِ إخوته وأخواته .. إلاَّ أنه أصبح في وادٍ ؛ وهم في وادٍ آخر .. أصبح بعد عودته منزوياً كئيباً حزيناً .. إما أنه يحادثُ فتياته بالهاتف أو يخرج لوحده في سيارته إلى حيث لا يعلم به أحدٌ .. لاحظ أهله عليه أنه لم يذهب إلى الحرم أبداً طيلة أيامه التي مكثها بعد عودته ؛ ولفت أنظارهم عدم أدائه للصلاة .. فحدثوه برفق فثار في وجوههم وقال لهم :" كل واحد حر في تصرفاته .. الصلاة ليست بالقوة " .. أما أمُّه فكانت تواري دموعها عنه وعن إخوته كثيراً وتعتزل في غرفتها تصلي وتدعو له بالهداية وتبكي حتى يُسمع نشيجُها من وراء الباب !! ؛ دخلت أخته الصغرى عليه يوماً في غرفته ..- وكان يحبها بشدة -.. وكانت تصغره بسنوات قليلة ؛ وبينما كان مستلقياً على قفاه ؛ مغمضاً عينيه ؛ يسمع أغنيةً أعجميةً مزعجةً.. وقعت عيناها على سلسالٍ من ذهبٍ على صدره .. فأرادت مداعبته .. فقبضت بيدها عليه .. فصعقت عندما رأت في نهاية هذا السلسال صليب النصارى !! فصاحت وانفجرت بالبكاء .. فقفز وأغلق الباب .. وجلس معها مهدداً أياها .. إن هي أخبرت أحداً .. أنه سيفعل ويفعل ! فأصبح في البيت كالبعير الأجرب .. كلٌ يتجنبه .

في يوم .. دخلت أمه عليه .. وقالت له

قم أوصلني بسيارتك ! وكان لا يرد لها طلباً ! فقام .. فلما ركبا في السيارة .. قال لها إلى أين !

قالت : إلى الحرم أصلي العشاء ! ؛ فيبست يداه على مقود السيارة .. وحاول الاعتذار وقد جف ريقُه في حلقه فألحّت عليه بشدة .. فذهب بها وكأنه يمشي على جمرٍ .. فلما وصل إلى الحرم .. قال لها بلهجة حادة .. انزلي أنت وصلّي .. وأنا سأنتظرك هنا ! ؛ فأخذت الأمُّ الحبيبة ترجوه وتتودد إليه ودموعها تتساقط على خدها ..

"يا ولدي .. انزل معي .. واذكر الله .. عسى الله يهديك ويردك لدينك .. يا وليدي .. كلها دقائق تكسب فيها الأجر " .. دون جدوى .. أصر على موقفه بعنادٍ عجيب .

فنزلت الأم .. وهي تبكي .. وقبع هو في السيارة .. أغلق زجاج الأبواب .. وأدخل شريطاً غنائياً (فرنسياً) في جهاز التسجيل .. وخفض من صوته .. وألقى برأسه إلى الخلف يستمع إليه .. قال

فما فجأني إلا صوتٌ عظيمٌ يشق سماءَ مكة وتردده جبالها .. إنه الأذان العذب الجميل ؛ بصوت الشيخ / علي ملا .. الله أكبر .. الله أكبر .. أشهد ألا إله إلا الله …

… فدخلني الرعبُ.. فأطفأت (المسجل) وذهلت .. وأنا أستمع إلى نداءٍ ؛كان آخرُ عهدي بسماعة قبل سنوات طويلة جداً ؛ فوالله وبلا شعورٍ مني سالت دموعي على خديّ .. وامتدت يدي إلى صدري فقبضت على الصليب ال*** ؛ فانتزعته وقطعت سلساله بعنفٍ وحنق وتملكتني موجةٌ عارمة من البكاء لفتت أنظار كل من مر بجواري في طريقه إلى الحرم . فنزلت من السيارة .. وركضت مسرعاً إلى ( دورات المياه ) فنزعت ثيابي واغتسلت .. ودخلت الحرم بعد غياب سبع سنواتٍ عنه وعن الإسلام ! . فلما رأيت الكعبة سقطت على ركبتيّ من هول المنظر ؛ومن إجلال هذه الجموع الغفيرة الخاشعة التي تؤم المسجد الحرام ؛ ومن ورعب الموقف .. وأدركت مع الإمام ما بقي من الصلاة وأزعجت ببكائي كل من حولي .. وبعد الصلاة .. أخذ شابٌ بجواري يذكرني بالله ويهدّأ من روعي .. وأن الله يغفر الذنوب جميعاً ويتوب على من تاب ..شكرته ودعوت له بصوت مخنوق ؛ وخرجت من الحرم ولا تكاد تحملني قدماي .. وصلت إلى سيارتي فوجدت أمي الحبيبة تنتظرني بجوارها وسجادتها بيدها .. فانهرت على أقدامها أقبلها وأبكي .. وهي تبكي وتمسح على رأسي بيدها الحنون برفق .. رفعت يديها إلى السماء .. وسمعتها تقول :_ "يا رب لك الحمد .. يا رب لك الحمد .. يا رب ما خيبت دعاي .. ورجاي .. الحمد لله .. الحمد لله " .. فتحت لها بابها وأدخلتها السيارة وانطلقنا إلى المنزل ولم أستطع أن أتحدث معها من كثرة البكاء .. إلاَّ أنني سمعتها تقول لي:_ " يا وليدي .. والله ما جيت إلى الحرم إلاّ علشان أدعي لك .. يا وليدي .. والله ما نسيتك من دعاي ولا ليلة .. تكفى[4] ! وأنا أمك لا تترك الصلاة علشان الله يوفقك في حياتي ويرحمك"

نظرت إليها وحاولت الرد فخنقتني العبرة فأوقفت سيارتي على جانب الطريق .. ووضعت يديّ على وجهي ورفعت صوتي بالبكاء وهي تهدؤني .. وتطمئنني .. حتى شعرت أنني أخرجت كل ما في صدري من همًّ وضيقٍ وكفرٍ !.. بعد عودتي إلى المنزل أحرقت كل ما لدي من كتب وأشرطة وهدايا وصورٍ للفاجرات .. ومزقت كل شيء يذكرني بتلك الأيام السوداء وهنا دخلت في صراعٍ مرير مع عذاب الضمير .. كيف رضيت لنفسك أن تزني ؟ كيف استسلمت للنصرانيات الفاجرات ؟ كيف دخلت الكنيسة ؟ كيف سمحت لنفسك أن تكذّب الله وتلبس الصليب ؟ والله يقول : { وَمَا قَتَلوه وما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } [النساء] من الآية157) كيف ؟ وكيف ؟! أسئلة كثيرة أزعجتني .. لولا أن الله تعالى قيّض لي من يأخذ بيدي .. شيخاً جليل القدر .. من الشباب المخلصين ؛ لازمني حتى أتممت حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم في فترة قصيرة ولا يدعني ليلاً ولا نهاراً .. وأكثر ما جذبني إليه حسن خلقه وأدبه العظيم .. جزاه الله عني خيراً .. اللهم اقبلني فقد عدت إليك وقد قلت ياربنا في كتابك الكريم { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف } ..وأنا يا رب انتهيت فاغفر لي ما قد سلف .. وقلت : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .. وأنا يا رب قد أسرفت على نفسي في الذنوب كثيراً كثيراً .. ولا يغفر الذنوب إلاَّ أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .. ..

وبعد .. فالله تعالى يمهل عبده ولا يهمله ؛ وربما بلغ بالعبدِ البُعْدُ عن ربه بُعداً لا يُرجى منه رجوعٌ ؛ ولكن الله جل وتعالى عليمٌ حكيم ٌ ؛ غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذو الطول ؛لا إله إلا هو إليه المصير ..

ما أجمل الرجوع إلى الله ؛ وما ألذّ التوبة الصادقة ؛ وما أحلم الله تعالى .. وما أحرانا معاشر الدعاة بتلمس أدواء الناس ؛ ومحاولة إخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم .. وبالحكمة والموعظة الحسنة والصبر العظيم وعدم ازدراء الناس ؛ أو الشماتة بهم ؛ أو استبعاد هدايتهم ؛ فالله سبحانه وتعالى هو مقلب القلوب ومصرفها كما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء » وكان من دعاء الرسول الله صلى الله عليه وسلم :

« اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك » رواه مسلم .. آمين ..

اللهم يامقلب القلوب والأبصار تبث قلبي على دينك وعلى إيمانك آمين يارب العالمين.
بارك الله فيك أختي العزيزة على سرد القصة .
اللهم لا تجعل مصيبتي في ديني
اللهم ثبت قلوبنا علي دينك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
اللهم ثبت قلوبنا على الدين والايمان…
شكرا أختي على القصة
اللهم ثبتنا على دينك ووفقنا لما تحب و ترضى

&اطــبــاق مشــكــلــة&شيخ المحشي 2024.

&اطــبــاق مشــكــلــة&(مشخول سمك*شيخ المحشي* متبل لب الكوسا)

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

مساء / صباح الفل والياسمين

اليوم في جعبتي لكم ….. اطباق مشكلة

سمك بنكهة المندي وشيخ المحشي ومتبل لب الكوسا

اتمنى ان تعجبكم اطباقي خليجيةخليجية

ونبداااا على بركة اللهخليجيةخليجية

خليجية مشخول السمكخليجية

المقادير خليجية

سمك والافضل نوع الهامور- بصل – ثوم – زنجبيل – بهارات – ورق غار – ملح -حبتين بندورة مطحونة – فليفلة مقطعة مربعات ومقلية – بطاطا مقطعة مكعبات ومقلية – كزبرة – شبت (اختياري)-زنجبيل – رز بسمتي –
زيت لرز – بصل مقلي للزينة

قطعي البصل وقلبيه بقليل من ازيت الى ان يصبح لونه زهري – اضيفي الثوم وقلبيه قليلا – ثم اضيفي الزنجبيل والبهارات يلي تختارينها انا حطيت بهارات المشكلة وورق غار وشوية قرنفل وكزبرة يابسة —
قلبي قليلا عشان تظهر اكثر ريحة البهارات

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ثم ضعي ضعي قليلا من الطحين على السمك عشان لايلصق بالطنجرة , وبعدين ضيفيه فوق الخلطة ,,,, وخليه شوي ليكسب لون

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

الان اضيفي البندورة المطحونة – والكزبرة -والملح
اتركيه لمدة ربع ساعة – ثم اضيفي الفليفلة والبطاطا
بعد خمس دقائق بتكون جاهزة للتطبيق
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

الان اطبخي الرز الابيض بالطريقة العادية

قليل من الزيت قلبي به الارز ……اضيفي مقدار الماء والملح …..وخليه لينضج ثلاث ارباع النضج

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

الان احضري طنجرة تصلح تدخليها للفرن___ انا اخترت قالب الكيك

ضعي طبقة ارز —– طبقة السمك ——-طبقة ارز

ادخليها الفرن …بعد تغليفها بقصدير

بعدين اشعلي فحمة وحطيها بالقصدير داخل القالب (بالفراغ يلي بنصف القالب) وصبي زيت زيتون واغلقيها بسرعة
بعد خمس دقايق بتكون شربت الريحة

اقلبيها على صينية وزينيها بالبصل المقلي

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

وصحتين وهناااااااااخليجيةخليجية
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

شيخ المحشي

المقادير خليجية

كوسا حجم صغير – لحمة مفرومة – بصلة حسب الرغبة – لبن زبادي نادك – بيضة – نشاء – ملح -صنوبر

الطريقةخليجية

يقلى البصل ثم تضاف اللحمة المفرومة تقلى ثم يضاف الملح والفلفل
(البصل .. اختياري وبالامكان الاستغناء عنه ) يضاف الصنوبر بعد تقليته

يحفر الكوسا ويحشى بالحشوة السابقة

اقليه بزيت عميق …… ثم يغلى بالماء عشان لونه الغامق يطلع وما يصبغ اللبن

لتحضير اللبن

يخلط بالخلاط مع البيضة — يذوب النشاا بقليل من الماء
ويضاف لى اللبن

يرفع على النار ويحرك الى ان يغلي
بعدها اضيفي الكوسا والملح واتركيه عشر دقائق

وقدميه مع الارز بالشعيرية

وصحة وهنااااا

يابنات ما تواخذوني الصور شكلي ما سحتها بالغلط خليجية
اجيت ارفعها للمو ضوع ما لقيها خليجية معلش اعذروني خليجيةخليجية

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

متبل لب الكوسا

المقادير خليجية

لب الكوسا —طحينة –لبن —سن ثوم — ملح

يسلق لب الكوسا بالماء لمدة ربع ساعة

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

صفيه بالمصفاية
واهرسيه بمدقة الثوم

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اخلطي اللبن مع الطحينة وسن الثوم بعد هرسه ولاتنسي الملح

ثم اضيفي لب الكوسا المهروس واخلطيه جيدا

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

وقدميه
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

هاد الطبق كتير لذيذ وبيشهي

ولاتنسوا انو خفيف لازيت ولا من يحزنون
انا كل ما بعمل كوسا محشي اوشيخ باللبن لازم اسويه

جربوه وعطوني رايكم

وبــــــالـــــــــعـــــــــافــــــــــــــيــــ ـة
خليجيةخليجيةخليجية

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ماشاء الله
بجد مشهيه ومرتبه
فنانة الله يعطيكي العافية

ننتظر البقية

ممممممممممممممممم ممممممممممممم

ماشاء الله عليكي حبيبتي

رووووووووعه يعطيكي الف عافيه تسلم الايادي..
الله يعافيكي عزيزتي

ام فيء وفتون

مشكورة على المرور

الله يسعدك ويخليكي

عزيزتي ام اسلام
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يارب أمـــوت وأرتــــاح في الاسلام 2024.

يارب أمـــوت وأرتــــاح

كثيرًا ما نسمع هذه الالفاظ او نلفظها بأنفسنا..

دون أن نعي ماذا نقول.. و قد نعيها ..

( ان شاء الله اموت )

( يارب تفتكون مني)

( الله ياخذني)

( الله ياخذ الساعة اللي جبتوني فيها)

( يارب اموت و ارتاااح)

و غييييرها من الادعيه اللتي ندعي علينا بها..

و هو ان نرتاح من هذه الدنيا.. و فقط نريد الموت..

و لا نعــي ان هناك اناسُ آخرون يموتون فاليوم الواحد.. أكثر من مرة..

من هم..؟!

.:: طفل يوميًا يرى الاطفال يأكلون ما يشتهون.. و يذهبون للمدارس و هو ينظر اليهم.. و يتمنى ان يكون مثلهم ::.

.:: طفل أثناء ولادته تحدث له أخطاء طبيه.. فيولد معاقًا و لا يستطيع الحركة و لا الكلام و الاطفال من حولى يلعبون و يمرحون ::.

.:: طفل يولد ثم يرمى فالقمامة او الشارع و عندما يكبر لا يعرف من هو ::.

.:: فتاة تعرضت لحادث اغتصاب او ما شابه و تنحرم من أقل شي يمكن ان تسعد به الفتاة ::.

.:: اطفال لا يسمعون أو لا يرون و الغير من حولهم يسمع و يرى و يتمتع ::.

.:: أطفال ولدوا و فيهم تشوهات خلقيه ::.

.:: شاب سجن ظلمًا.. و عند خروجه.. لا يرى الا ابواب مقفلة ::.

.:: أم تفقد اطفالها في لحظة واحد ::.

و غيرها من الحالات.. و فكروا بهؤلاء الاطفال حين يكبرون.. كيف هو مصيرهم

هاؤلاء كلهم.. يموتون فاليوم أكثر من مرة..

و نحن فاليوم الواحد.. نتمنى الموت أكثر من مرة..

و لا نعرف حتى ان نقول >> الحمد لله << على ان خلقنا في أحسن تقويم..

لا نعرف حتى اننا فضلنا على غيرنا من الخلق..

و نتمنى الموت.. اتعرفون لما..؟؟!!

ضعف الايمان في قلوبنا..

نشعر بفراغ كبير في العاطفة.. و لكن المؤمن الصادق..
لا يشعر بها.. لأنه ملأ قلبه بحب الله و رسوله , وآل بيته الاطهار ..

لمــاذا نتمناه..؟؟

هل لأن الحبيب قد افترق..

هل لأن الوالدين عاقبونا..

هل لأننا أردنا شيئًا و لم نحصل عليه..

هل لأنهم حرمناهم من مشاهدة التلفاز او استخدام الانترنت …

هل لأنهم فضلوا غيرنا علينا…

كل هذه الاسباب و غيرها.. تعتبر تافهه.. عندما تكون قد حصلت على ما تريد ( الموت )

عندما ترى انك في القبر وحدك.. تريد العودة للدنيا.. بعد ماذا.. بعد أن طلبت الموت بنفسك..

لا تطلبه.. لأن الموت لا يأتيك بإرادتك..

هكذا.. نحن نريد الحصول على اشياء.. و غيرنا .. قد عاشها الف الف مرة..

ان اردنا الموت فالنعمل.. عملاً طيبا.. و لا نطلب الموت.. باسباب تافهه..

و تذكــروا غيركم.. الذين يعيشون الموت.. في اليوم.. أكثر من مرة….

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
.
.
.
طررررح رااائع كروعتكك

دمتي بسعاده دااائمه

وتين اسعدني مرورك
وردة زماني شكرا اخجلتني كلماتك

جزاك الله الف خير
ع الطرح الرائع

دلوعه سيدها اسعدني مرورك
خليجية جزاكي الله كل الخير وجعله في ميزان اعمالك خليجية
خليجية اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك خليجية
خليجيةاللهم اجمعنا في جنات النعيم يا رب خليجية
جزاك الله خير

وادمعتااااااااااه أحاديث نبوية 2024.

وادمعتااااااااااه

مغلق لعدم صحة الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جيل لن يتكرر

أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن

الخطاب رضي الله عنه وكان في

المجلس وهما يقودان رجلاً من

البادية فأوقفوه أمامه

‏قال عمر: ما هذا

‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا

قتل أبانا

‏قال: أقتلت أباهم ؟

‏قال: نعم قتلته !

‏قال : كيف قتلتَه ؟

‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته

، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً

، وقع على رأسه فمات…

‏قال عمر : القصاص …

‏الإعدام

.. قرار لم يكتب … وحكم سديد لا

يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن

أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة

شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟

‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا

يهم عمر – رضي الله عنه – لأنه لا

‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا

يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ،

ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص

منه ..

‏قال الرجل : يا أمير

المؤمنين : أسألك بالذي قامت به

السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة

، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في

البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك

‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،

والله ليس لهم عائل إلا الله ثم

أنا

قال عمر : من يكفلك

أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود

إليَّ؟

‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا

يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا

داره ‏ولا قبيلته ولا منزله ،

فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست

على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ،

ولا على ناقة ، إنها كفالة على

الرقبة أن تُقطع بالسيف ..

‏ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع

الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن

أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت

الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه

‏وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل

هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً

هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ،

فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ،

ونكّس عمر

‏رأسه ، والتفت إلى الشابين :

أتعفوان عنه ؟

‏قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد

أن يُقتل يا أمير المؤمنين..

‏قال عمر : من يكفل هذا أيها

الناس ؟!!

‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته

وزهده ، وصدقه ،وقال:

‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله

‏قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو

كان قاتلا!

‏قال: أتعرفه ؟

‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله

؟

‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ،

فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن

شاء‏الله

‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه

لو تأخر بعد ثلاث أني

تاركك!

‏قال: الله المستعان يا أمير

المؤمنين ….

‏فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث

ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع

‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم

بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه

قتل …..

‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر

الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ،

وفي العصر‏نادى ‏في المدينة :

الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ،

واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر

‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين

الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير

المؤمنين!

‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ،

وكأنها تمر سريعة على غير عادتها

، وسكت‏الصحابة واجمين ،

عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا

الله.

‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر

، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد

‏لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ،

لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب

بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في

الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا

تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس

دون أناس ، وفي مكان دون مكان…

‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا

بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر

المسلمون‏معه

‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو

بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما

عرفنا مكانك !!

‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله

ما عليَّ منك ولكن عليَّ من

الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا

يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي

كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في

البادية ،وجئتُ لأُقتل..

وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء

بالعهد من الناس

فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا

ضمنته؟؟؟

فقال أبو ذر :

خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من

الناس

‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا

تريان؟

‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه

يا أمير المؤمنين لصدقه..

وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب

العفو من الناس !

‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه

تسيل على لحيته ….

‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان

على عفوكما ،

وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ

‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته

، وجزاك الله خيراً أيها الرجل

‏لصدقك ووفائك ..

‏وجزاك الله خيراً يا أمير

المؤمنين لعدلك و رحمتك….

‏قال أحد المحدثين :

والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت

سعادة الإيمان ‏والإسلام

في أكفان عمر!! رحمك الله يا أمير المؤمنينخليجية

جزاك الله خير على القصه الرااااااائعه

الله يعطيك العافيه حبيبتيخليجية

جزااااااااااااااك الله خير
قصة جدا رائعة … الله يجزيكم كل خير
جزاك الله خير
جزاك الله خير
جـــــزاكــــــ الله الـــــــف خير
جزاك الله خير

قصه مؤثرة والله ادمعت عيوني خليجية

الله المستعان

أو …ضيف الشتاء الثقيل !!! -لصحة المرأة 2024.

( الزكام ) أو ( النشلة )…ضيف الشتاء الثقيل !!!

( الزكام ) أو ( النشلة )…ضيف الشتاء الثقيل !!!

د. فواز القاسم
اختصاصي أمراض الأطفـال
MBChB DCH

ما هو الزكام أو النشلة !؟

الزكام coryza أو النشلة أو ما تعرف بالرشح ( وخطأ بالأنفلونزا flu ) ، أو البرد العام common cold هي التهاب المجاري التنفسية العلوية URT ، وهي أهم مرض يصيب الأطفال على الإطلاق ، حيث يتعرض الطفل إلى 3-8 إصابات سنوياً ، وهي أهم سبب طبي لغياب الأطفال عن مدارسهم ، حيث تسبب آلاف الغيابات والانقطاعات سنوياً ، ويصرف عليها وعلى علاجها ملايين الدنانير .

متى تحصل النشلة !؟
النشلة هي مرض الشتاء والخريف ، صحيح أنه لم يثبت من الناحية العلمية أن انخفاض الحرارة يمكن أن يقلل مقاومة الجسم ، ومن ثم زيادة حالات النشلة ، ولكن الملاحظة العملية تكاد تحصر النشلة في الشتاء ، وخاصة في بدايته ونهايته ، أي لدى تغير الطقس .

ما هي العوامل التي تساعد على انتشار المرض !؟
هناك مجموعة عوامل منها :

الازدحام : فكل ازدحام في المدارس والبيوت والمستشفيات ورياض الأطفال وحتى عيادات الأطباء
( وخاصة إذا طالت مدة الانتظار ، وكانت العيادات ضيقة وغير نظيفة وغير مهواة ) يزيد من نسبة انتقال المرض من طفل مريض أو من أحد مرافقيه إلى طفل آخر أو أكثر .

الفقر وسوء التغذية : وما يرافقها من نقص المناعة تعرض أجسام الأطفال للنشلة وغيرها من الأمراض.

تلوث جو غرفة الطفل بدخان السجائر وغيره من الملوثات يزيد قابلية الطفل للإصابة .

عوامل نفسية ومعنوية أخرى : مثل الصدمات النفسية للأطفال يمكن أن تزيد قابليتهم لهذا المرض وغيره.

ما هي أسباب النشلة !؟
النشلة هي مرض فيروسي أصلاً ، وهناك أكثر من مائتي فيروس يمكن أن تسبب المرض ، ولكل فيروس عشرات الزمر الفيروسية المنبثقة عنه ، ومن هنا كانت الصعوبة في إيجاد لقاحات لكل هذا الكم الهائل من الفيروسات .

هل النشلة مرض معدٍ !؟
الجواب نعم طبعاً ، فهي شديدة العدوى وخاصة باللمس المباشر .

ما هي طرق العدوى وانتقال المرض ؟

التنفس : حيث ينتقل الفيروس عبر هواء الزفير من شخص مريض إلى آخر سليم ( من هنا قلنا بأن الجلوس في أماكن مزدحمة ، وخاصة إذا وجد أشخاص مدخنون ) هي من أهم طرق انتقال المرض .

العطاس والسعال : حيث ينتقل الفيروس مع الرذاذ المتطاير إلى الأطفال القريبين .

اللمس المباشر والتقبيل : من هنا يجب منع استخدام حاجات الشخص المريض ومنع مصافحته وتقبيله .

ما هي أعراض وعلامات النشلة ؟

فترة حضانة المرض تمتد من 2-5 أيام وقد تصل إلى أسبوع ، والأعراض تختلف حسب عمر الطفل :

ففي الأطفال الكبار مثلاً : يكون تخرش الأنف مع حكة البلعوم من أبكر الأعراض ، وغالباً ما يتشكل إحساس لدى الطفل بأنه على وشك أن يصاب بالمرض ، بعد ساعات يبدأ الأنف بإفراز ضائعات discharges رقيقة ، ثم يبدأ العطاس .

ولو فحصنا الطفل في هذه المرحلة لوجدنا عنده : حرارة خفيفة إلى متوسطة ، مع تقرح الحلق ، وتهيج في ملتحمتي العينين … هذا في اليوم الأول ، أما في اليومين الثاني والثالث ، فتتحول إفرازات الأنف إلى ثخينة وقيحية ، ويتطور لديه صداع وإعياء وتعب عام ، ويفقد الطفل شهيته للطعام ، ويحب الخلود إلى الراحة ، ولا غرابة أن يشكو الطفل من سعال جاف ليلي سببه ارتداد إفرازات الأنف إلى القصبات أثناء النوم ، ثم لا تلبث الأعراض أن تتراجع إلى أن تختفي في غضون 5-7 أيام .

أما في الأطفال الصغار والرضع : فأهم عرض هو الحرارة التي قد تكون شديدة إلى حد الاختلاج أو
( الشمرة ، التشنج ) convulsion وغالباً ما يكون الطفل متهيج irritaable وغير مرتاح restless قليل النوم والرضاعة ، والتفسير واضح جدا فالطفل عندما يغلق أنفه بالنشلة يرفض الغذاء ويبحث عن الهواء .

ومن الأعراض المهمة في الأطفال الصغار التقيؤ الذي يلي السعال أحيانا ، حيث يتخلص الطفل من الإفرازات التي كان قد ابتلعها .

هل هناك مضاعفات للنشلة !؟
أغلب حالات النشلة تنتهي بدون مخاطر عند الأطفال الأصحاء الذين ترعاهم أمهات واعيات ، أما الأطفال قليلي التغذية والمناعة والعناية الصحية فلا غرابة أن تتطور حالاتهم إلى إحدى المضاعفات المعروفة ، مثل: التهاب الأذن الوسطى ، وذات الرئة والقصبات ، وربما الربو القصبي ، وبدرجة أقل التهاب الجيوب الأنفية.

هل هناك من علاج للنشلة !؟
من المؤكد أن الأهل يطالبون الطبيب بإجراء سريع لوقف معاناتهم هم قبل معاناة أطفالهم المرضى ، وغالبا ما يفصحون عن رغبتهم في وصف الأدوية ، هذا إذا لم يكونوا قد وصفوها بأنفسهم وجلبوها معهم إلى الطبيب من الصيدلية المجاورة لمنزلهم ، أو من بقايا الأدوية الموجودة في ثلاجتهم ، فلقد أحصى الأطباء أكثر من ثمانمائة مادة دوائية ، كانت قد استخدمت في أرجاء المعمورة لعلاج هذه الحالة البسيطة .!!!

لكن هل هذا هو التصرف الصحيح والسليم من قبل الأهل !؟

وإذا كان الجواب لا ، وهو كذلك بالطبع ، فما هو دور الأهل بالتحديد !؟
إن دور الأهل الأساسي هو في منع حصول المرض أصلا ، فـ (( درهم وقاية خيرُ من قنطار علاج )) ، وذلك بالاعتناء بصحة الطفل وتغذيته ، وعدم التواجد في الأماكن المغلقة والمزدحمة وغير النظيفة وغير الصحية حتى لو كانت عيادة طبيب مشهور ، وأن لا يدخنوا أو يسمحوا للمدخنين بدخول غرفته ، وأن لا يسمحوا للأهل والأصدقاء المرضى بحمله وتقبيله ، وأن لا يتسرعوا بإعطاء الأدوية إلا باستشارة طبيب حاذق ومخلص ، فالعلم لوحده لا يكفي ما لم يكن محصنا بمخافة الله ، وكذلك الإخلاص وحده لا يحل المشكلة مع طبيب جاهل .!!!

وما هو دور الطبيب الحاذق المخلص !؟
أن يشخص الحالة المرضية بشكل دقيق ، وأن يصف العلاج المناسب ، الذي يحقق النفع ولا يسبب الضرر ، مثل : الدواء المخفض للحرارة ، الذي يخفض الحرارة ويسكن الألم ، ونؤكد هنا على تجنب استخدام أسبرين الأطفال في مثل هذه الحالة ، لأنه قد يسبب أذية دماغية إذا تزامن مع فيروس الانفلونزا .!

ونشجع إعطاء مغلي البابونج أو الشاي الخفيف المطعم بالليمون والمحلى بالعسل الطبيعي ، فهو سائل محقق الفائدة ، مستساغ الطعم ، ويكاد يخلو من أية آثار ضارة .

كما نشجع إعطاء السوائل الخفيفة الدافئة ، كالشوربات وغيرها ، فهي مغذية ولطيفة ..

أما ما عدا هذا القدر المتفق عليه ، مثل إعطاء المضادات الحيوية ، ومضادات الحساسية ، ومزيلات الاحتقان ، ومضادات السعال ، والمقويات ، والفيتامينات ، فهذه أمور يقدرها الطبيب الحاذق المخلص ، والأصل فيها الإقلال لا الإسراف …

مع تمنياتنا لأطفالنا الأعزاء بالصحة الدائمة …

منقول للفائدة

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اختيار موفق
في وقت موفق
لك كل التقدير لحسن الاختيار

يسلموووووو حبيبتي

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوسى خليجية
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اختيار موفق
في وقت موفق
لك كل التقدير لحسن الاختيار

خليجية

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرجانة البحار خليجية
يسلموووووو حبيبتي

خليجية

مشكووووووو رة أختي على هذه النصائح المفيدة
والمعلومات القيمة عن الزكام …..
فعلاً جات في وقتها .

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيدة طيبة خليجية
مشكووووووو رة أختي على هذه النصائح المفيدة
والمعلومات القيمة عن الزكام …..
فعلاً جات في وقتها .

خليجية

مشكووووووو رة أختي جزاك ربي الفردوس الأعلىونفع بك امة المسلمين

رغد أنتي لي ,,,,,,,, قصه مره روعه 2024.

رغد أنتي لي ,,,,,,,, قصه مره روعه

خليجية

رغد أنتي لي ,,,,,,,, قصه مره روعه

——————————————————————————–

السلام عليكم

اريدكم تشاركوني هذه القصه
القصه جميله بما تعنيه الكلمة ولاتفوتكم
القصه سوف انقلها لكم
بنزل كم حلقه واذا اعجبتكم بنزل الباقي هي عباره عن حلقات وكل حلقه عنوووان

[الحلقةالأولى]

*********

مخلوقة إقتحمت حياتي !

توفي عمي و زوجته في حادث مؤسف قبل شهرين، و تركا طفلتهما الوحيدة ( رغد ) و التي تقترب من الثانية من عمرها … لتعيش يتيمة مدى الحياة .

في البداية ، بقيت الصغيرة في بيت خالتها لترعاها ، و لكن ، و نظرا لظروف خالتها العائلية ، اتفق الجميع على أن يضمها والدي إلينا و يتولى رعايتها
من الآن فصاعدا .

أنا و أخوتي لا نزال صغارا ، و لأنني أكبرهم سنا فقد تحولت فجأة إلى
( رجل راشد و مسؤول ) بعد حضور رغد إلى بيتنا .

كنا ننتظر عودة أبي بالصغيرة ، (سامر) و ( دانة ) كانا في قمة السعادة لأن عضوا جديدا سينضم إليهما و يشاركهما اللعب !

أما والدتي فكانت متوترة و قلقة

أنا لم يعن ِ لي الأمر الكثير

أو هكذا كنت أظن !

وصل أبي أخيرا ..

قبل أن يدخل الغرفة حيث كنا نجلس وصلنا صوت صراخ رغد ! :icon112:

سامر و دانة قفزا فرحا و ذهبا نحو الباب راكضين

" بابا بابا … أخيرا ! "

قالت دانه و هي تقفز نحو أبي ، و الذي كان يحمل رغد على ذراعه و يحاول تهدئتها لكن رغد عندما رأتنا ازدادت صرخاتها و دوت المنزل بصوتها الحاد !

تنهدت و قلت في نفسي :

" أوه ! ها قد بدأنا ! "

أخذت أمي الصغيرة و جعلت تداعبها و تقدم إليها الحلوى علها تسكت !

في الواقع ، لقد قضينا وقتا عصيبا و مزعجا مع هذه الصغيرة ذلك اليوم .

" أين ستنام الطفلة ؟ "

سأل والدي والدتي مساء ذلك اليوم .

" مع سامر و دانه في غرفتهما ! "

دانه قفزت فرحا لهذا الأمر ، إلا أن أبي قال :

" لا يمكن يا أم وليد ! دعينا نبقيها معنا بضع ليال إلى أن تعتاد أجواء المنزل، أخشى أن تستيقظ ليلا و تفزع و نحن بعيدان عنها ! "

و يبدو أن أمي استساغت الفكرة ، فقالت :

" معك حق ، إذن دعنا ننقل السرير إلى غرفتنا "

ثم التفتت إلي :

" وليد ،انقل سرير رغد إلى غرفتنا "

اعترض والدي :

" سأنقله أنا ، إنه ثقيل ! "

قالت أمي :

" لكن وليد رجل قوي ! إنه من وضعه في غرفة الصغيرين على أية حال ! "

(( رجل قوي )) هو وصف يعجبني كثيرا !

أمي أصبحت تعتبرني رجلا و أنا في الحادية عشرة من عمري ! هذا رائع !

قمت بكل زهو و ذهبت إلى غرفة شقيقي و نقلت السرير الصغير إلى غرفة والدي .

عندما عدتُ إلى حيث كان البقية يجلسون ، وجدتُ الصغيرة نائمة بسلام !

لابد أنها تعبت كثيرا بعد ساعات الصراخ و البكاء التي عاشتها هذا اليوم !

أنا أيضا أحسست بالتعب، و لذلك أويت إلى فراشي باكرا .

~~~~~~~~~

نهضت في ساعة مبكرة من اليوم التالي على صوت صراخ اخترق جدران الغرفة من حدته !

إنها رغد المزعجة

خرجت من غرفتي متذمرا ، و ذهبت إلى المطبخ المنبعثة منه صرخات ابنة عمي هذه

" أمي ! أسكتي هذه المخلوقة فأنا أريد أن أنام ! "

تأوهت أمي و قالت بضيق :

" أو تظنني لا أحاول ذلك ! إنها فتاة ٌصعبة ٌ جدا ! لم تدعنا ننام غير ساعتين أو ثلاث والدك ذهب للعمل دون نوم ! "

كانت رغد تصرخ و تصرخ بلا توقف .

حاولت أن أداعبها قليلا و أسألها :

" ماذا تريدين يا صغيرتي ؟ "

لم تجب !

حاولت أن أحملها و أهزها … فهاجمتني بأظافرها الحادة !

و أخيرا أحضرت إليها بعض ألعاب دانه فرمتني بها !

إنها طفلة مشاكسة ، هل ستظل في بيتنا دائما ؟؟؟ ليتهم يعيدوها من حيث جاءت !

في وقت لاحق ، كان والداي يتناقشان بشأنها .

" إن استمرت بهذه الحال يا أبا وليد فسوف تمرض ! ماذا يمكنني أن أفعل من أجلها ؟ "

" صبرا يا أم وليد ، حتى تألف العيش بيننا "

قاطعتهما قائلا :

" و لماذا لا تعيدها إلى خالتها لترعاها ؟ ربما هي تفضل ذلك ! "

أزعجت جملتي هذه والدي فقال :

" كلا يا وليد ، إنها ابنة أخي و أنا المسؤول عن رعايتها من الآن فصاعدا . مسألة وقت و تعتاد على بيتنا "

و يبدو أن هذا الوقت لن ينتهي …

مرت عدة أيام و الصغيرة على هذه الحال ، و إن تحسنت بعض الشيء و صارت تلعب مع دانه و سامر بمرح نوعا ما

كانت أمي غاية في الصبر معها ، كنت أراقبها و هي تعتني بها ، تطعمها ، تنظفها ، تلبسها ملابسها ، تسرح شعرها الخفيف الناعم !

مع الأيام ، تقبلت الصغيرة عائلتها الجديدة ، و لم تعد تستيقظ بصراخ و كان على وليد ( الرجل القوي ) أن ينقل سرير هذه المخلوقة إلى غرفة الطفلين !

بعد أن نامت بهدوء ، حملتها أمي إلى سريرها في موضعه الجديد . كان أخواي قد خلدا للنوم منذ ساعة أو يزيد .

أودعت الطفلة سريرها بهدوء .

تركت والدتي الباب مفتوحا حتى يصلها صوت رغد فيما لو نهضت و بدأت بالصراخ

قلت :

" لا داعي يا أمي ! فصوت هذه المخلوقة يخترق الجدران ! أبقه مغلقا ! "

ابتسمت والدتي براحة ، و قبلتني و قالت :

" هيا إلى فراشك يا وليد البطل ! تصبح على خير "

كم أحب سماع المدح الجميل من أمي !

إنني أصبحت بطلا في نظرها ! هذا شيء رائع … رائع جدا !

و نمت بسرعة قرير العين مرتاح البال .

الشيء الذي أنهضني و أقض مضجعي كان صوتا تعودت سماعه مؤخرا

إنه بكاء رغد !

حاولت تجاهله لكن دون جدوى !

يا لهذه الـ رغد … ! متى تسكتيها يا أمي !

طال الأمر ، لم أعد أحتمل ، خرجت من غرفتي غاضبا و في نيتي أن أتذمر بشدة لدى والدتي ، إلا أنني لاحظت أن الصوت منبعث من غرفة شقيقي ّ
نعم ، فأنا البارحة نقلت سريرها إلى هناك !

ذهبت إلى غرفة شقيقي ّ ، و كان الباب شبه مغلق ، فوجدت الطفلة في سريرها تبكي دون أن ينتبه لها أحد منهما !

لم تكن والدتي موجودة معها .

اقتربت منها و أخذتها من فوق السرير ، و حملتها على كتفي و بدأت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .

و لأنها استمرت في البكاء ، خرجت بها من الغرفة و تجولت بها قليلا في المنزل

لم يبد ُ أنها عازمة على السكوت !

يجب أن أوقظ أمي حتى تتصرف …

كنت في طريقي إلى غرفة أمي لإيقاظها ، و لكن …

توقفت في منتصف الطريق ، و عدت أدراجي … و دخلت غرفتي و أغلقت الباب .

والدتي لم تذق للراحة طعما منذ أتت هذه الصغيرة إلينا .

و والدي لا ينام كفايته بسببها .

لن أفسد عليهما النوم هذه المرة !

جلست على سريري و أخذت أداعب الصغيرة المزعجة و ألهيها بطريقة أو بأخرى حتى تعبت ، و نامت ، بعد جهد طويل !

أدركت أنها ستنهض فيما لو حاولت تحريكها ، لذا تركتها نائمة ببساطة على سريري و لا أدري ، كيف نمت ُ بعدها !

هذه المرة استيقظت على صوت أمي !

" وليد ! ما الذي حدث ؟ "

" آه أمي ! "

ألقيت نظرة من حولي فوجدتني أنام إلى جانب الصغيرة رغد ، و التي تغط في نوم عميق و هادىء !

" لقد نهضت ليلا و كانت تبكي .. لم أشأ إزعاجك لذا أحضرتها إلى هنا ! "

ابتسمت والدتي ، إذن فهي راضية عن تصرفي ، و مدت يدها لتحمل رغد فاعترضت :

" أرجوك لا ! أخشى أن تنهض ، نامت بصعوبة ! "

و نهضت عن سريري و أنا أتثاءب بكسل .

" أدي الصلاة ثم تابع نومك في غرفة الضيوف . سأبقى معها "

ألقيت نظرة على الصغيرة قبل نهوضي !

يا للهدوء العجيب الذي يحيط بها الآن!

بعد ساعات ، و عندما عدت إلى غرفتي ، وجدت دانه تجلس على سريري بمفردها . ما أن رأتني حتى بادرت بقول :

" أنا أيضا سأنام هنا الليلة ! "

أصبح سريري الخاص حضانة أطفال !

فدانه ، و البالغة من العمر 5 سنوات ، أقامت الدنيا و أقعدتها من أجل المبيت على سريري الجذاب هذه الليلة ، مثل رغد !

ليس هذا الأمر فقط ، بل ابتدأت سلسلة لا نهائية من ( مثل رغد ) …

ففي كل شيء ، تود أن تحظى بما حظيت به رغد . و كلما حملت أمي رغد على كتفيها لسبب أو لآخر ، مدت دانه ذراعيها لأمها مطالبة بحملها (مثل رغد ) .

أظن أن هذا المصطلح يسمى ( الغيرة ) !

يا لهؤلاء الأطفال !

كم هي عقولهم صغيرة و تافهة !

~~~~~~

كانت المرة الأولي و لكنها لم تكن الأخيرة … فبعد أيام ، تكرر نفس الموقف ، و سمعت رغد تبكي فأحضرتها إلى غرفتي و أخذت ألاعبها .

هذه المرة استجابت لملاعبتي و هدأت ، بل و ضحكت !

و كم كانت ضحكتها جميلة ! أسمعها للمرة الأولى !

فرحت بهذا الإنجاز العظيم ! فأنا جعلت رغد الباكية تضحك أخيرا !

و الآن سأجعلها تتعلم مناداتي باسمي !

" أيتها الصغيرة الجميلة ! هل تعرفين ما اسمي ؟ "

نظرت إلي باندهاش و كأنها لم تفهم لغتي . إنها تستطيع النطق بكلمات مبعثرة ، و لكن ( وليد ) ليس من ضمنها !

" أنا وليد ! "

لازالت تنظر إلى باستغراب !

" اسمي وليد ! هيا قولي : وليد ! "

لم يبد ُ الأمر سهلا ! كيف يتعلم الأطفال الأسماء ؟

أشرت إلى عدة أشياء ، كالعين و الفم و الأنف و غيرها ، كلها أسماء تنطق بها و تعرفها . حتى حين أسألها :

" أين رغد ؟ "

فإنها تشير إلى نفسها .

" و الآن يا صغيرتي ، أين وليد ؟ "

أخذت أشير إلى نفسي و أكرر :

" وليد ! وليـــد ! أنا وليد !

أنت ِ رغد ، و أنا وليد !

من أنتِ ؟ "

" رغد "

" عظيم ! أنتِ رغد ! أنا وليد ! هيا قولي وليد ! قولي أنت َ وليد ! "

كانت تراقب حركات شفتيّ و لساني ، إنها طفلة نبيهة على ما أظن .

و كنت مصرا جدا على جعلها تنطق باسمي !

" قولي : أنــت ولـيـــد ! ولــيـــــــد …

قولي : وليد … أنت ولـــــيـــــــــــــــــــــد ! "

" أنت َ لــــــــــــــــــــي " !!

كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد !

( أنت َ لي ! )

للحظة ، بقيت اتأملها باستغراب و دهشة و عجب !

فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين و حوّلته إلى ( لي ) بدلا من
( وليد ) !

ابتسمت ، و قلت مصححا :

" أنت َ وليـــــــــــــد ! "

" أنت َ لــــــــــــــــــي "

كررت جملتها ببساطة و براءة !

لم أتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا ….

و لأنني ضحكت بشكل غريب فإن رغد أخذت تضحك هي الأخرى !

و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي !

سألتها مرة أخرى :

" من أنا ؟ "

" أنت َ لـــــــــــــي " !

يا لهذه الصغيرة المضحكة !

حملتها و أخذت أؤرجحها في الهواء بسرور …

منذ ذلك اليوم ، بدأت الصغيرة تألفني ، و أصبحت أكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة الجدران بصوتها الحاد ….

~~~~~~

انتهت العطلة الصيفية و عدنا للمدارس .

كنت كلما عدت من المدرسة ، استقبلتني الصغيرة رغد استقبالا حارا !

كانت تركض نحوي و تمد ذراعيها نحوي ، طالبة أن أحملها و أؤرجحها في الهواء !

كان ذلك يفرحها كثيرا جدا ، و تنطلق ضحكاتها الرائعة لتدغدغ جداران المنزل !

و من الناحية الأخرى ، كانت دانة تطلق صرخات الاعتراض و الغضب ، ثم تهجم على رجلي بسيل من الضربات و اللكمات آمرة إياي بأن أحملها ( مثل رغد ) .

و شيئا فشيا أصبح الوضع لا يطاق ! و بعد أن كانت شديدة الفرح لقدوم الصغيرة إلينا أصبحت تلاحقها لتؤذيها بشكل أو بآخر …

في أحد الأيام كنت مشغولا بتأدية واجباتي المدرسية حين سمعت صوت بكاء رغد الشهير !

لم أعر الأمر اهتماما فقد أصبح عاديا و متوقعا كل لحظة .

تابعت عملي و تجاهلت البكاء الذي كان يزداد و يقترب !

انقطع الصوت ، فتوقعت أن تكون أمي قد اهتمت بالأمر .

لحظات ، وسمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي .

" أدخل ! "

ألا أن أحدا لم يدخل .

انتظرت قليلا ، ثم نهضت استطلع الأمر …

و كم كانت دهشتي حين رأيت رغد واقفة خلف الباب !

لقد كانت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، و وجهها عابس و كئيب ، و بكاؤها مكبوت في صدرها ، تتنهد بألم … و بعض الخدوش الدامية ترتسم عشوائيا على وجهها البريء ، و كدمة محمرة تنتصف جبينها الأبيض !

أحسست بقبضة مؤلمة في قلبي ….

" رغد ! ما الذي حدث ؟؟؟ "

انفجرت الصغيرة ببكاء قوي ، كانت تحبسه في صدرها

مددت يدي و رفعتها إلى حضني و جعلت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .

هذه المرة كانت تبكي من الألم .

" أهي دانة ؟ هل هي من هاجمك ؟ "

لابد أنها دانة الشقية !

شعرت بالغضب ، و توجهت إلى حيث دانة ، و رغد فوق ذراعي .

كانت دانة في غرفتها تجلس بين مجموعة من الألعاب .

عندما رأتني وقفت ، و لم تأت إلي طالبة حملها ( مثل رغد ) كالعادة ، بل ظلت واقفة تنظر إلى الغضب المشتعل على وجهي .

" دانة أأنت من ضرب رغد الصغيرة ؟ "

لم تجب ، فعاودت السؤال بصوت أعلى :

" ألست من ضرب رغد ؟ أيتها الشقية ؟ "

" إنها تأخذ ألعابي ! لا أريدها أن تلمس ألعابي "

اقتربت من دانة و أمسكت بيدها و ضربتها ضربة خفيفة على راحتها و أنا أقول :

" إياك أن تكرري ذلك أيها الشقية و إلا ألقيت بألعابك من النافذة "

لم تكن الضربة مؤلمة إلا أن دانة بدأت بالبكاء !

أما رغد فقد توقفت عنه ، بينما ظلت آخر دمعتين معلقتين على خديها المشوهين بالخدوش .

نظرت إليها و مسحت دمعتيها .

ما كان من الصغيرة إلا أن طبعت قبلة مليئة باللعاب على خدي امتنانا !

ابتسمت ، لقد كانت المرة الأولى التي تقبلني فيها هذه المخلوقة ! إلا أنها لم تكن الأخيرة ….

~~~~~~

توالت الأيام و نحن على نفس هذه الحال …

إلا أن رغد مع مرور الوقت أصبحت غاية في المرح …

أصبحت بهجة تملأ المنزل … و تعلق الجميع بها و أحبوها كثيرا …

إنها طفلة يتمنى أي شخص أن تعيش في منزله …

و لأن الغيرة كبرت بين رغد و دانة مع كبرهما ، فإنه كان لابد من فصل الفتاتين في غرفتين بعيدا عن بعضهما ، و كان علي نقل ذلك السرير و للمرة الثالثة إلى مكان آخر …

و هذا المكان كان غرفة وليد !

ظلت رغد تنام في غرفتي لحين إشعار آخر .

في الواقع لم يزعجني الأمر ، فهي لم تعد تنهض مفزوعة و تصرخ في الليل إلا نادرا …

كنت أقرأ إحدى المجلات و أنا مضطجع على سريري ، و كانت الساعة العاشرة ليلا و كانت رغد تغط في نوم هادئ

و يبدو أنها رأت حلما مزعجا لأنها نهضت فجأة و أخذت تبكي بفزع …

أسرعت إليها و انتشلتها من على السرير و أخذت أهدئ من روعها

كان بكاؤها غريبا … و حزينا …

" اهدئي يا صغيرتي … هيا عودي للنوم ! "

و بين أناتها و بكاؤها قالت :

" ماما "

نظرت إلى الصغيرة و شعرت بالحزن …

ربما تكون قد رأت والدتها في الحلم

" أتريدين الـ ماما أيتها الصغيرة ؟ "

" ماما "

ضممتها إلى صدري بعطف ، فهذه اليتيمة فقدت أغلى من في الكون قبل أن تفهم معناهما …

جعلت أطبطب عليها ، و أهزها في حجري و أغني لها إلى أنا استسلمت للنوم .

تأملت وجهها البريء الجميل … و شعرت بالأسى من أجلها .

تمنيت لحظتها لو كان باستطاعتي أن أتحول إلى أمها أو أبيها لأعوضها عما فقدت .

صممت في قرارة نفسي أن أرعى هذه اليتيمة و أفعل كل ما يمكن من أجلها …

و قد فعلت الكثير …

و الأيام …. أثبتت ذلك …

~~~~~~

ذهبنا ذات يوم إلى الشاطئ في رحلة ممتعة ، و لكوننا أنا و أبي و سامر الصغير ( 8 سنوات ) نجيد السباحة ، فقد قضينا معظم الوقت وسط الماء .

أما والدتي ، فقد لاقت وقتا شاقا و مزعجا مع دانة و رغد !

كانت رغد تلهو و تلعب بالرمال المبللة ببراءة ، و تلوح باتجاهي أنا و سامر ، أما دانة فكانت لا تفتأ تضايقها ، تضربها أو ترميها بالرمال !

" وليد ، تعال إلى هنا "

نادتني والدتي ، فيما كنت أسبح بمرح .

" نعم أمي ؟ ماذا تريدين ؟ "

و اقتربت منها شيئا فشيئا . قالت :

" خذ رغد لبعض الوقت ! "

" ماذا ؟؟؟ لا أمي ! "

لم أكن أريد أن أقطع متعتي في السباحة من أجل رعاية هذه المخلوقة ! اعترضت :

" أريد أن أسبح ! "

" هيا يا وليد ! لبعض الوقت ! لأرتاح قليلا "

أذعنت للأمر كارها … و توجهت للصغيرة و هي تعبث بالرمال ، و ناديتها :

" هيا يا رغد ! تعالي إلي ! "

ابتهجت كثيرا و أسرعت نحوي و عانقت رجي المبللة بذراعيها العالقة بهما حبيبات الرمل الرطب ، و بكل سرور !

جلست إلى جانبها و أخذت أحفر حفرة معها . كانت تبدو غاية في السعادة أما أنا فكنت متضايقا لحرماني من السباحة !

اقتربت أكثر من الساحل ، و رغد إلى جانبي ، و جعلتها تجلس عند طرفه و تبلل نفسها بمياه البحر المالحة الباردة

رغد تكاد تطير من السعادة ، تلعب هنا و هناك ، ربما تكون المرة الأولى بحياتها التي تقابل فيها البحر !

أثناء لعبها تعثرت و وقعت في الماء على وجهها …

" أوه كلا ! "

أسرعت إليها و انتشلتها من الماء ، كانت قد شربت كميه منه ، و بدأت بالسعال و البكاء معا .

غضبت مني والدتي لأنني لم أراقبها جيدا

" وليد كيف تركتها تغرق ؟ "

" أمي ! إنها لم تغرق ، وقعت لثوان لا أكثر "

" ماذا لو حدث شيء لا سمح الله ؟ يجب أن تنتبه أكثر . ابتعد عن الساحل . "

غضبت ، فأنا جئت إلى هنا كي استمتع بالسباحة ، لا لكي أراقب الأطفال !

" أمي اهتمي بها و أنا سأعود للبحر "

و حملتها إلى أمي و وضعتها في حجرها ، و استدرت مولّيا .

في نفس اللحظة صرخت دانة معترضة و دفعت برغد جانبا ، قاصدة إبعادها عن أمي

رغد ، و التي لم تكد تتوقف عن البكاء عاودته من جديد .

" أرأيت ؟ "

استدرت إلى أمي ، فوجدت الطفلة البكاءة تمد يديها إلي …

كأنها تستنجد بي و تطلب مني أخذها بعيدا .

عدت فحملتها على ذراعي فتوقفت عن البكاء ، و أطلقت ضحكة جميلة !

يا لخبث هؤلاء الأطفال !

نظرت إلى أمي ، فابتسمت هي الأخرى و قالت :

" إنها تحبك أنت َ يا وليد ! "

قبيل عودتنا من هذه الرحلة ، أخذت أمي تنظف الأغراض ، و الأطفال .

" وليد ، نظف أطراف الصغيرة و ألبسها هذه الملابس "

تفاجأت من هذا الطلب ، فأنا لم أعتد على تنظيف الأطفال أو إلباسهم الملابس !

ربما أكون قد سمعت شيئا خطا !

" ماذا أمي ؟؟؟ "

" هيا يا وليد ، نظف الرمال عنها و ألبسها هذه ، فيما اهتم أنا بدانة و بقية الأشياء "

كنت أظن أنني أصبحت رجلا ، في نظر أمي على الأقل …

و لكن الظاهر أنني أصبحت أما !

أما جديدة لرغد !

نعم … لقد كنت أما لهذه المخلوقة …

فأنا من كان يطعمها في كثير من الأحيان ، و ينيمها في سريره ، و يغني لها ، و يلعب معها ، و يتحمل صراخها ، و يستبدل لها ملابسها في أحيان أخرى !

و في الواقع …

كنت أستمتع بهذا الدور الجديد …

و في المساء ، كنت أغني لها و أتعمد أن أجعلها تنام في سريري ، و أبقى أتأمل وجهها الملائكي البريء الرائع … و أشعر بسعادة لا توصف !

هكذا ، مرت الأيام …

و كبرنا … شيئا فشيئا …

و أنا بمثابة الأم أو المربية الخاصة بالمدللة رغد ، و التي دون أن أدرك … أو يدرك أحد … أصبحت تعني لي …

أكثر من مجرد مخلوقة مزعجة اقتحمت حياتي منذ الصغر ! ….

روووعه القصه
كمليها حبيبتي …
الحلقةالثانية

*********

~ مهووس بك ! ~

في كل ليلة أقرأ قصة قصيرة لصغيرتي رغد قبل النوم . و هذه هي آخر ليلة تباتها رغد في غرفتي بعد ثلاث سنوات من قدومها للمنزل .
ثلاث سنوات من الرعاية و الدلال و المحبة أوليتها جميعا لصغيرتي ، كأي أم أو أب !

إنها الآن في السادسة و قد ألحقناها بالمدرسة هذا العام و كانت في غاية السعادة !

في كل يوم عندما تعود تخبرني بعشرات الأشياء التي شاهدتها أو تعلمتها في المدرسة . و في كل يوم بعد تناولها الغذاء أتولى أنا تعليمها دروسها البسيطة
و قد كانت تلميذة نجيبة !

بعد الانتهاء من الدروس تأخذ صغيرتي دفتر التلوين الخاص بها و علبة الألوان ، و تجلس على سريرها و تبدأ بالتلوين بهدوء

تقريبا بهدوء !

" وليد لوّن معي ! "

لقد كنت شارذا و أنا أتأملها و أتخيل أنني و منذ الغد لن أجد سريرها في تلك الزاوية و أستمع إلى ( هذيانها ) و تحدثها إلى نفسها قبل النوم !

" و ليــــــــــــــــد لوّن معي ! "

هذه المرة انتبهت إلى صوتها الحاد ، نظرت إليها و ابتسمت ! لقد كنت ُ كثيرا ما ألوّن معها في هذا الدفتر أو غيره ! و هي تحلق سعادة حينما تراقبني و أنا ألون !

أطفال … فقط أطفال !

" حسنا "

قلت ذلك و هممت بالنهوض من على سريري و التوجه إليها ، و لكنها و بسرعة قفزت هي و دفترها و علبة ألوانها و هبطت فوق سريري في ثانيتين !

بدأت كالعادة تختار لي الصفحة التي تريد مني تلوينها و قد كانت رسمة لفتاة صغيرة تحمل حقيبة المدرسة !

" صغيرتي … لم لا تلونين هذه ؟ فهي تشبهك ! "

قلت لها ذلك ، فابتسمت و أخذت تقلب دفترها بحثا عن شيء ما ، ثم قالت :

" لا يوجد ولد يشبهك ! سأرسمك ! "

و أمسكت بالقلم و أخذت ( ترسمني ) في إحدى الصفحات … و كم كانت الرسمة مضحكة ، و لاحظت أنها رسمت خطا طويلا أسفل الأنف !

" ما هذا ؟؟ "

" شارب ! "

" ماذا !؟ و لكن أنا لا شارب لدي ! "

" عندما تكبر مثل أبي سيكون لديك شارب طويل هكذا لأنك طويل ! "

ضحكت ُ كثيرا كما ضحكت هي الأخرى !

إن طولي قد أزداد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة ، و يبدو أنني سأصبح أطول من والدي !

قمنا بعد ذلك بتلوين الصورتين ( رغد الصغيرة ، و وليد ذي الشارب الطويل ) !

من كان منا يتوقع … أن هاتين الصورتين ستعيشان معنا … كل ذلك العمر …؟؟؟

عندما حل الظلام ، قمت بنقل سرير رغد و أشيائها الأخرى إلى غرفتها الجديدة . و كانت صغيرة و مجاورة لغرفتي .

الصغيرة كانت مسرورة للغاية ، فقد أصبح لها غرفتها الخاصة مثل دانة و لم يعد بمقدور دانة أن ( تعيّرها ) كما كانت تفعل دائما .

العلاقة بين هاتين الفتاتين كانت سيئة !

بالنسبة لي ، كنت ُ حزينا بهذا الحدث … فأنا أرغب في أن تبقى الصغيرة معي و تحت رعايتي أكثر من ذلك … إنها تعني لي الكثير …

انتهينا أنا و أمي من ترتيب الأشياء في الغرفة ، و رغد تساعدنا . قالت أمي بعد ذلك :

" و الآن يا رغد … هاقد أصبح لديك غرفة خاصة ! اعتني بها جيدا ! "

" حسنا ماما "

و جاء صوت دانة من مكان ما قائلة :

" لكن غرفتي هي الأجمل . هذه صغيرة و وحيدة مثلك "

جميعنا استدرنا نحو دانة ، و بعين الغضب . فهي لا تترك فرصة لمضايقة رغد إلا و استغلتها .

" لكنني لست ُ وحيدة ، و لن أشعر بالخوف لأن وليد قريب مني "

" لكن وليد ليس أمك و لا أباك و لا أخاك ! إذن أنت وحيدة "

هذه المرة والدتي زجرت دانة بعنف و أمرتها بالانصراف . لقد كانت لدي رغبة في صفع هذه الفتاة الخبيثة لكنني لم أشأ أن أزيد الأمر تعقيدا .
إنني أدرك أن الأمور تزداد سوءا بين دانة و رغد ، و لا أدري إن كان الوضع سيتغير حالما تكبران …

اعتقدت أن الأمر قد انتهى في وقته ، إلا أنه لم ينته …

بينما كنت غاطا في نومي ، سمعت صوتا أيقظني من النوم بفزع …

عندما فتحت عيني رأيت خيال شخص ما يقف إلى جانبي … كان الظلام شديدا و كنت ُ بين النوم و الصحوة … استيقظت فجأة و استطاعت طبلة أذني التقاط الصوت و تمييزه …

كانت رغد !

نهضت ، و أنرت ُ المصباح المجاور ، و من خلال إنارته الخفيفة لمحت ُ ومض دموع تسيل على خد الصغيرة …

مددت ُ يدي و تحسست وجهها الصغير فبللتني الدموع …

" رغد ! ما بك عزيزتي ؟ "

قفزت رغد إلى حضني و أطلقت صرخات بكاء قوية و حزينة … إنني لم أر َ دموع غاليتي هذه منذ أمد بعيد … فكيف لي برؤيتها بهذه الحال ؟؟

" رغد … أخبريني ماذا حدث ؟ هل رأيت حلما مزعجا ؟؟ "

اندفعت و هي تقول كلماتها هذه بشكل مبعثر و مضطرب … و بمرارة و حزن عميقين :

" لماذا ليس لدي أم ؟
لماذا مات أبي ؟
هل الله لا يحبني لذلك لم يعطني أما و لا أبا ؟
هل صحيح أن هذا ليس بيتي ؟
أين بيتي إذن فأنا أريد أن يصبح لدي غرفة كبيرة و جميلة مثل غرفة دانة "

طوقت الصغيرة بذراعي و جعلت أمسح رأسها و دموعها و أهدئ من حالتها

لم أكن أتخيل أن مثل هذه التساؤلات تدور في رأس طفلة صغيرة في السادسة من العمر …
بل إنها لم تذكر لي شيئا كهذا من قبل رغم ثرثرتها التي لا تكاد تنتهي حين تبدأ …

" صغيرتي رغد ! ما هذا الكلام ! من قال لك ذلك ؟ "

" دانة دائما تقول هذا … هي لا تحبني … لا أحد يحبني "

شعرت بالغيظ من أختي الشقية ، في الغد سوف أوبخها بعنف . قلت محاولا تهدئة الصغيرة المهمومة :

" رغد يا حلوتي … دعك ِ من دانة فهي لا تعرف ما تقول ، سوف أوقفها عند حدها . أبي و أمي هما أبوك و أمك "

قاطعتني :

" غير صحيح ! لا أم و لا أب لدي و لا أحد يحبني "

" ماذا عني أنا وليد ؟ ألا أحبك ؟ اعتبريني أمك و أباك و كل شيء "

توقفت رغد عن البكاء و نظرت إلي قليلا ثم قالت :

" و لكن ليس لديك شارب ! "

ضحكت ! فأفكار هذه الصغيرة غاية في البساطة و العفوية ! أما هي فقد ابتسمت و مسحت دموعها …

قلت :

" حين أكبر قليلا بعد فسيصبح لدي شاربان طويلان كما رسمت ِ ! أ نسيت !؟ "

ابتسمت أكثر و قالت :

" و هل ستشتري لي بيتا كبيرا فيه غرفة كبيرة و جميلة تخصني ؟ "

ضحكت مجددا … و قلت :

" نعم بالتأكيد ! و تصبحين أنت سيدة المنزل ! "

الصغيرة ابتسمت برضا و عانقتني بسرور :

" أنا أحبك كثيرا يا وليد ! و حين أكبر سآخذك معي إلى بيتي الجديد ! "

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

اللعب هو هواية الأطفال المفضلة على الإطلاق ، و لأنني ( وليد الكبير ) و لأن دانة هي ( الطرف المعادي ) فإن رغد لم تجد من تلعب معه في بيتنا هذا غير سامر !

كثيرا ما كانا يقضيان الساعات الطوال باللهو معا ، ربما كان هذا متنفسا جيدا للصغيرة .

عندما كانت رغد تسكن غرفتي ، كانت كلما بقيت ُ في الغرفة لسبب أو لآخر،أتت هي الأخرى و عكفت على دفتر تلوينها بسكون …

كنت ُ أستذكر دروسي و ألقي عليها نظرة من حين لآخر … و كان ذلك يسعدني …

بعد أن استقلت في غرفتها ، لم أعد أراها معي …

كانت كثيرا ما تقضي الوقت الآن مع سامر في اللعب !

في أحد الأيام ، عدت ُ من المدرسة ، و حين دخلت ُ البيت وجدت ُ الصغيرة تشاهد التلفاز …

" رغد ! لقد عدت ! "

و فتحت ذراعي ، فهي معتادة أن تأتي لحضني كلما عدت من المدرسة ، كأنها تعبر عن شوقها و افتقادها لي …

ابتسمت الصغيرة ثم قفزت قاصدة الحضور إلي ، و في نفس اللحظة دخل شقيقي سامر إلى نفس الغرفة و هو يقول :

" أصلحته يا رغد ! هيا بنا "

و بشكل فاجأني و لم أتوقعه ، استدارت ْ إلى سامر و ركضت نحوه ، و غادرا الغرفة سويا …

ذراعاي كانتا لا تزالان معلقتين في الهواء … بانتظار الصغيرة …

نظرت من حولي أتأكد من أن أحدا لم ير َ هذا … قد يكون موقفا عاديا لكنني شعرت ُ بغيط و خيبة لحظتها … ما الذي يشغل رغد عني ؟؟

لحقت بالاثنين ، فرأيتهما يركبان دراجة سامر التي يبدو أن خللا كان قد أصابها مؤخرا و أصلحه سامر قبل قليل …

كانت رغد في غاية السرور و هي تجلس على مقعد خلفي ، و سامر ينطلق بدراجته الهوائية مسرعا …

ذهبت إلى غرفتي و استلقيت على سريري و أخذت أفكر …

مؤخرا ، ظهرت أمور ٌ عدة تشغل الصغيرة … كالمدرسة و الواجبات المدرسية و صديقاتها الجدد … و دفاتر تلوينها الكثيرة … و اللعب مع سامر !

طردت الأفكار التي استتفهتها فورا من رأسي و انصرفت إلى أمور أخرى …

إنها السنة الأخيرة لي في المدرسة الإعدادية و والدتي تعمدت إبعاد رغد عني قدر الإمكان لأتفرغ لدراستي .

رغد … رغد … رغد !

لماذا لا أستطيع طردها الآن من رأسي ؟؟ إنها طفلة مزعجة لا تحب غير اللعب و العناية بها كانت مسؤولة كبيرة و مضجرة ألقيت على عاتقي و ها أنا حر أخيرا !

في الواقع ، ظل التفكير بهذه الصغيرة يشغلني طوال ذلك اليوم … لم أستطع التركيز في الدراسة ، و قبيل غروب الشمس قررت القيام بجولة في الشارع على الأقدام ، علني أطرد رغد من دماغي …

الجو كان لطيفا و نسماته عليلة و قد استمتعت بنزهتي الصغيرة …

التقيت في طريقي بشخص أبغضه كثيرا ! إنه عمّار …

عمار هذا هو الابن الوحيد لأحد الأثرياء ، و هو زميلي في المدرسة ، ولد بغيض مستهتر سيئ الخلق ، معروف و مشهور بين الجميع بانحرافه و فساده … و كان آخر شيء أتمنى أن ألتقي به و أنا في مزاجي العكر هذا اليوم !

" وليد ؟ تتسكع في الشوارع عوضا عن الدراسة !؟ لسوف أفضحك غدا في المدرسة "

قال لي هذا و أطلق ضحكة قوية و بغيضة ، أوليته ظهري و ابتعدت متجاهلا إياه

قال :

" انتظر ! لم لا تأت ِ معي نلهو قليلا ؟ و أعدك بأن تنجح رغم أنف الجميع ! مثلي "

استدرت إلى عمّار و قلت بغضب :

" حلّ عني أيها البغيض ! لا يشرفني التحدث إلى شخص مثلك ! أيها المنحرف الفاسد "

لا أدري ما الذي دفعني لقول ذلك ، فأنا لم أعتد توجيه مثل هذا الكلام لأي كان …

و لكني كنت مستاءا …

عمار شعر بغيظ ، و سدد نحوي لكمة قوية موجعة و تعاركنا !

منذ ذلك اليوم ، و أنا و هو في خصام مستمر ، هو لا يفتأ يستفزني كلما وجد الفرصة السانحة لذلك ، و أنا أتجاهله حينا و أتعارك معه حينا آخر …
و الأمر بيننا انتهى أسوا نهاية … كما سترون …

في طريق عودتي للبيت ، مررت بإحدى المكتبات ، و وجدت نفسي أدخلها و أفتش بين دفاتر تلوين الأطفال ، و أشتري مجموعة جديدة … من أجل رغد

إنني سأعترف ، بأنني فشلت في إزاحتها بعيدا عن تفكيري ذلك اليوم … لقد كانت المرة الأولى التي تترك فيها ذراعي ّ معلقين في الهواء … و تذهب بعيدا

حين وصلت إلى البيت ، كانت رغد في حديقة المنزل ، مع سامر و دانة ، كانوا يراقبون العصفورين الحبيسين في القفص ، و اللذين أحضرهما والدي قبل أيام …

كانت ضحكاتها تملأ الأجواء …

كم هي رائعة هذه الطفلة حين تضحك !

و كم هي مزعجة حين تبكي !

اعتقدت أنني لن أثير انتباهها فيما هي سعيدة مع شقيقي ّ و العصفورين … هممت بالدخول إلى داخل المنزل و سرت نحو الباب … و أنا ممسك بالكيس الصغير الذي يحوي دفاتر التلوين …

" وليــــــــــــــد " !

وصلني صوتها الحاد فاستدرت للخلف ، فإذا بها قادمة تركض نحوي فاتحة ذراعيها و مطلقة ضحكة كبيرة …

فتحت ذراعي و استقبلتها في حضني و حملتها بفرح و درت بها حول نفسي بضع دورات …

" صغيرتي … جلبت ُ لك ِ شيئا تحبينه ! "

نظرت إلى الكيس ثم انتزعته من يدي ، و تفقدت ما بداخله

أطلقت هتاف الفرح و طوّقت عنقي بقوة كادت تخنقني !

بعدها قالت :

" لوّن معي ! "

ابتسمت ُ برضا بل بسعادة و قلت :

" أمرك سيدتي ! "

اعتقد … بل أنا موقن جدا … بأنني أصبحت مهووسا بهذه الطفلة بشكل لم أكن لأتصوره أو أعمل له حسابا …

و سأجن … بالتأكيد … فيما لو حدث لها مكروه ٌ … لا قدّر الله ….

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

الحلقةالثالثة

*******

~ أمنية رغد ~

أشياء ثلاثة تشغل تفكيري و تقلقني كثيرا في الوقت الراهن

دراستي و امتحاناتي ، رغد الصغيرة ، و الأوضاع السياسية المتدهورة في بلدتنا و التي تنذر بحرب موشكة !

إنه يوم الأربعاء ، لم أذهب للمدرسة لأن والدتي كانت متوعكة قليلا في الصباح و آثرت البقاء إلى جانبها .

إنها بحالة جيدة الآن فلا تقلقوا

كنت أجلس على الكرسي الخشبي خلف مكتبي الصغير ، و مجموعة من كتبي و دفاتري مفتوحة و مبعثرة فوق المكتب .

لقد قضيت ساعات طويلة و أنا أدرس هذا اليوم ، إلا أن الأمور الثلاثة لم تبرح رأسي

الدراسة ، أمر بيدي و أستطيع السيطرة عليه ، فها أنا أدرس بجد

أوضاع البلد السياسية هي أمر ليس بيدي و لا يمكنني أنا فعل أي شيء حياله !

أما رغد الصغيرة …

فهي بين يدي … و لا أملك السيطرة على أموري معها !

و آه من رغد !

يبدو أن التفكير العميق في ( بعض الأشياء ) يجعلها تقفز من رأسك و تظهر أمام عينيك !

هذا ما حصل عندما طرق الباب ثم فتح بسرعة قبل أن أعطى الفرصة المفروضة للرد على الطارق و السماح له بالدخول من عدمه !

" وليـــد وليـــــــــد و ليـــــــــــــــــــــــــد ! "

قفزت رغد فجأة كالطائر من مدخل الغرفة إلى أمام مكتبي مباشرة و هي تناديني و تتحدث بسرعة فيما تمد بيدها التي تحمل أحد كتبها الدراسية نحوي !

" وليد علّمتنا المعلمة كيف نصنع صندوق الأماني هيا ساعدني لأصنع واحدا كبيرا يكفي لكل أمنياتي بسرعة ! "

إنني لم أستوعب شيئا فقد كانت هذه الفتاة في رأسي قبل ثوان و كانت تلعب مع سامر على ما أذكر !

نظرت إليها و ابتسمت و أنا في عجب من أمرها !

" رويدك صغيرتي ! مهلا مهلا ! متى عدت ِ من المدرسة ؟ "

أجابتني على عجل و هي تمد يدها و تمسك بيدي تريد مني النهوض :

" عدت الآن ، أنظر وليد الطريقة في هذه الصفحة هيا اصنع لي صندوقا كبيرا ! "

تناولت الكتاب من يدها و ألقيت نظرة !

إنه درس يعلم الأطفال كيفية صنع مجسم أسطواني الشكل من الورق !
و صغيرتي هذه جاءتني مندفعة كالصاروخ تريد مني صنع واحد !
تأملتها و ابتسمت ! و بما إنني أعرفها جيدا فأنا متأكد من أنها سوف لن تهدأ حتى أنفذ أوامرها !

قلت :

" حسنا سيدتي الصغيرة ! سأبحث بين أشيائي عن ورق قوي يصلح لهذا ! "

بعد نصف ساعة ، كان أمامنا أسطوانة جميلة مزينة بالطوابع الملصقة ، ذات فتحة علوية تسمح للنقود المعدنية ، و النقود الورقية ، و الأماني الورقية كذلك بالدخول !

رغد طارت فرحا بهذا الإنجاز العظيم ! و أخذت العلبة الأسطوانية و جرت مسرعة نحو الباب !

" إلى أين ؟؟ "

سألتها ، فأجابتني دون أن تتوقف أو تلتفت إلي :

" سأريها سامر ! "

و انصرفت …

اللحظات السعيدة التي قضيتها قبل قليل مع الطفلة و نحن نصنع العلبة ، و نلصق الطوابع ، و نضحك بمرح قد انتهت …

أي نوع من الجنون هذا الذي يجعلني أعتقد و أتصرف على أساس أن هذه الطفلة هي شيء يخصني ؟؟
كم أنا سخيف !

انتظرت عودتها ، لكنها لم تعد …
لابد أنها لهت مع سامر و نسيتني !
نسيت حتى أن تقول لي ( شكرا ) ! أو أن تغلق الباب !

غير مهم ! سأطرد هذا التفكير المزعج عن مخيلتي و أتفرغ لكتبي … أو حتى … لقضايا البلد السياسة فهذا أكثر جدوى !

بعد ساعة ، عادت رغد …
كان الصندوق لا يزال في يدها ، و في يدها الأخرى قلما .

اقتربت مني و قالت :

" وليد … أكتب كلمة ( صندوق الأماني ) على الصندوق ! "

تناولت الصندوق و القلم و كتبت الكلمة ، و أعدتهما إليها دون أي تعليق أو حتى ابتسامة

هل انتهينا ؟

صرفت ُ نظري عنها إلى الكتاب الماثل أمامي فوق المكتب ، منتظرا أن تنصرف

يجب أن تنتبه إلى أنها لم تشكرني !

" وليد … "

رفعت ُ بصري إليها ببطء ، كانت تبتسم ، و قد تورّد خداها قليلا !

لابد أنها أدركت أنها لم تشكرني !

قلت ُ بنبرة جافة إلى حد ما :

" ماذا الآن ؟ "

" هل لا أعطيتني ورقة صغيرة ؟ "

يبدو أن فكرة شكري لا تخطر ببالها أصلا !

تناولت مفكرتي الصغيرة الموضوعة على المكتب ، و انتزعت منها ورقة بيضاء ، و سلمتها إلى رغد

أخذتها الصغيرة و قالت بسرعة :

" شكرا ! "

ثم ابتعدت …

ظننتها ستخرج إلا أنها توجهت نحو سريري ، جلست فوقه ، و على المنضدة المجاورة و ضعت ( الصندوق ) و الورقة … و همّت بالكتابة !

أجبرت عيني ّ على العودة إلى الكتاب المهجور … لكن تفكيري ظل مربوطا عند تلك المنضدة !

" وليد … "

مرة أخرى نادتني فأطلقت سراح نظري إليها …

" نعم ؟"

سألتني :

" كيف أكتب كلمة ( عندما ) " ؟

نظرت ُ من حولي باحثا عن ( اللوح ) الصغير الذي أعلم رغد كيفية كتابة الكلمات عليه ، فوجدته موضوعا على أحد أرفف المكتبة ، فهممت بالنهوض لإحضاره ألا أن رغد قفزت بسرعة و أحضرته إلي قبل أن أتحرك !

أخذته منها ، و كتبت بالقلم الخاص باللوح كلمة ( عندما ) .

تأملتها رغد ثم عادت إلى المنضدة …

بعد ثوان ، رفعت رأسها إلي …

" وليد ! "

" نعم صغيرتي ؟ "

" كيف أكتب كلمة ( أكبُر ) ؟ "

كتبت الكلمة بخط كبير على اللوح ، و رفعته لتنظر إليه .

ثوان أخرى ثم عادت تسألني :

" وليد ! "

ابتسمت ! فطريقتها في نطق اسمي و مناداتي بين لحظة و أخرى تدفع إي كان للابتسام !

" ماذا أميرتي ؟ "

" كيف أكتب كلمة ( سوف ) " ؟؟

كتبت الكلمة و أريتها إياها ، صغيرتي كانت مؤخرا فقط قد بدأت بتعلم كتابة الكلمات بحروف متشابكة ، و لا تعرف منها إلا القليل …
بقيت أراقبها و أتأملها بسرور و عطف !
كم هي بريئة و بسيطة و عفوية !
يا لها من طفلة !

رفعت رأسها فوجدتني أنظر إليها فسألت مباشرة :

" كيف أكتب كلمة ( أتزوج ) ؟ "

فجأة ، أفقت من نشوة التأمل البريء …

هناك كلمة غريبة دخيلة وصلت إلى أذني ّ في غير مكانها !

حدقت في رغد باهتمام ، و اندهاش …

هل قالت ( أتزوج ) ؟؟

أتزوج !

ألا تلاحظون أنها كلمة ( كبيرة ) بعض الشيء ! بل كبيرة جدا !

سألتها لأتأكد :

" ماذا رغد ؟؟ "

قالت و بمنتهى البساطة :

" أتزوج ! كيف أكتبها ؟؟ "

أنا مندهش و متفاجيء …

و هي تنظر إلي منتظرة أن أكتب الكلمة على لوحها الصغير …

أمسكت بالقلم بتردد و شرود … و كتبت الكلمة ( الكبيرة ) ببطء ، ثم عرضتها عليها فأخذت تكتبها حرفا حرفا …
انتهت من الكتابة ، فوضعت اللوح على مكتبي ، في انتظار الكلمة التالية …

انتظرت …
و أنتظرت …
لكنها لم تتكلم

لم تسألني عن أي شيء
رأيتها تطوي الورقة الصغيرة ، ثم تدخلها عبر الفتحة داخل صندوق الأماني !

( عندما أكبر سوف أتزوج ((…. )) ؟؟؟ )

الاسم الذي تلا كلمة أتزوج هو اسم تعرف رغد كيف تكتبه !
كأي اسم من أسماء أفراد عائلتنا أو صديقاتها …
كـ وليد ، أو سامر ، أو أي رجل !

رغد الصغيرة !
ما الذي تفعلينه !؟؟

الآن ، هي قادمة نحوي …
و الصندوق في يدها …

" وليد اكتب أمنيتك ! "

" ماذا صغيرتي ؟؟ "

" أكتب أمنيتك و ضعها بالداخل ، و حينما نكبر نفتح الصندوق و نقرأ أمنياتنا و نرى ما تحقق منها ! هكذا هي اللعبة ! "

إنني قد افعل أشياء كثيرة قد تبدو سخيفة ، أما عن وضعي لأمنيتي في صندوق ورقي خاص بطفلتي هذه ، فهو أمر سأترك لكم أنتم الحكم عليه !
نزعت ورقة من مفكرتي ، و كتبت إحدى أمنياتي !
فيما أنا اكتب ، كانت رغد تغمض عينيها لتؤكد لي أنها لا ترى أمنيتي !

أي أمنية تتوقعون أنني أدخلتها في صندوق الأماني الخاص بصغيرتي العزيزة …؟؟

لن أخبركم !

بعد فراغي من الأمر ، طلبت مني رغد أن أحفظ الصندوق في أحد أرفف مكتبتي ، لأنها تخشى أن تضيعه أو تكتشف دانة وجوده فيما لو ضل في غرفتها !

" وليد لا تفتح الصندوق أبدا ! "

" أعدك بذلك ! "

ابتسمت رغد ، ثم انطلقت نحو الباب مغادرة الغرفة و هي تقول :

" سأخبر سامر بأنني انتهيت ! "

بعد مغادرتها ، تملكتني رغبة شديدة في معرفة ما الذي كتبته في ورقتها
كدت انقض وعدي و أفتح الصندوق من شدة الفضول …
لكني نهرت نفسي بعنف … لن أخيب ثقة الصغيرة بي أبدا

( عندما أكبر سوف أتزوج ………. ؟؟؟ )

من يا رغد ؟؟

من ؟

من ؟؟

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

في عصر اليوم ذاته ، قرر والدي أخذنا لنزهة قصيرة إلى أحد ملاهي الأطفال ، حسب طلب و إلحاح دانة !
أنا لم أشأ الذهاب ، فأنا لم أعد طفلا و لا تثير الملاهي أي اهتمام لدي ، إلا أن والدتي أقنعتني بالذهاب من باب الترويح عن النفس لاستئناف الدراسة !
قضينا وقتا جيدا …
وقفت رغد أمام إحدى الألعاب المخيفة و أصرت على تجربتها !
طبعا لم يوافق أحد على تركها تركب هذا القطار السريع المرعب ، و كما أخبرتكم فإنها حين ترغب في شيء فإنها لن تهدأ حتى تحصل عليه !

و حين تبكي ، فإنها تتحول من رغد إلى رعد !

والدي زجرها من باب التأديب ، إذ أن عليها أن تطيع أمره حين يأمرها بشيء

توقفت رغد عن البكاء ، و سارت معنا على مضض …

كانت تمشي و رأسها للأسفل و دموعها تسقط إلى الأرض !

أنا وليد لا أتحمّل رؤيتها هكذا مطلقا … لا شيء يزلزلني كرؤيتها حزينة وسط الدموع !

" حسنا يا رغد ! فقط للمرة الأولى و الأخيرة سأركب معك هذا القطار ، لتري كم هو مخيف و مرعب ! "

أعترض والداي ، ألا أنني قلت :

" سأمسك بها جيدا فلا تقلقا "

اعتراضهما كان في الواقع على سماحي لرغد بنيل كل ما تريد
أنا أدرك أنني أدللها كثيرا جدا
لكن …
ألا تستحق طفلة يتيمة الأبوين شيئا يعوضها و لو عن جزء من المائة مما فقدت ؟
تجاهلت اعتراض والدي ّ ، و انطلقت بها نحو القطار

ركبنا سوية ذلك القطار و لم تكن خائفة بل غاية في السعادة ! و عندما توقف و هممت بالنزول ، احزروا من صادفت !؟؟

عمّار اللئيم !

" من وليد ! مدهش جدا ! تتغيب عن المدرسة لتلهو مع الأطفال ! عظيم ! "

تجاهلته ، و انصرفت و الصغيرة مبتعدين ، ألا أنه عاد يلاحقني بكلام مستفز خبيث لم أستطع تجاهله ، و بدأنا عراكا جديدا !

تدخل مجموعة من الناس و من بينهم والدي لفض نزاعنا بعد دقائق …

عمار و بسبب لكمتي القوية إلى وجه سالت الدماء من أنفه

كان يردد :

" ستندم على هذا يا وليد ! ستدفع الثمن "

أما رغد ، و التي كانت تراني و لأول مرة في حياتها أتعارك مع أحدهم ، و أؤذيه ، فقد بدت مرعوبة و التصقت بوالدتي بذعر !

عندما عدنا للبيت وبخني أبي بشدة على تصرفي في الملاهي و عراكي …
و قال :

( كنت أظنك أصبحت رجلا ! )

و هي كلمة آلمتني أكثر بكثير من لكمات عمّار
استأت كثيرا جدا ، و عندما دخلت غرفتي بعثرت الكتب و الدفاتر التي كانت فوق مكتبي بغضب
لا أدري لماذا أنا عصبي و متوتر هذا اليوم …
بل و منذ فترة ليست بالقصيرة
أهذا بسبب الامتحانات المقبلة ؟؟

بعد قليل ، طرق الباب ، ثم فتح بهدوء …
كانت رغد

" وليد … "

ما أن نطقت باسمي حتى قاطعتها بحدة :

" عودي إلى غرفتك يا رغد فورا "

نظرت إلي و هي لا تزال واقفة عند الباب ، فرمقتها بنظرة غضب حادة و صرخت :

" قلت اذهبي … ألا تسمعين ؟؟ ! "

أغلقت الصغيرة الباب بسرعة من الذعر !

لقد كانت المرة الأولى التي أقسو فيها على رغد …

و كم ندمت بعدها

ألقيت نظرة على ( صندوق الأماني ) ثم أمسكت به و هممت بتمزيقه !

ثم أبعدته في آخر لحظة !
كنت أريد أن أفرغ غضبي في أي شيء أصادفه
إنني أعرف أنني يوم السبت المقبل سأقابل بتعليقات ساخرة من قبل عمّار و مجموعته
و كل هذا بسبب أنت أيتها الرغد المتدللة …
لأجلك أنت أنا أفعل الكثير من الأشياء السخيفة التي لا معنى لها !
و الأشياء المهولة … التي تعني أكثر من شيء … و كل شيء …

و التي يترتب عليها مصائر و مستقبل …

كما سترون …

الحلقة الرابعة

********

~ لا تبتعدي عنّي ~

لم استطع النوم تلك الليلة

جعلت أتقلب على فراشي و الأمور الثلاثة : الدراسة ، الحرب ، و رغد تآمرت علي و سببت لي أرقا و صداعا شديدا
أوه يا إلهي … أنا متعب … متعب !
فلتذهب الدراسة للجحيم !
ولتذهب الحرب كذلك للجحيم !
و رغد …
رغد …
فلأذهب أنا إلى رغد !

قفزت من سريري في رغبة ملحة جدا لرؤية الصغيرة …

لابد أنها غارقة في النوم الآن … كم كنت قاسيا معها ! كم أنا نادم !

سرت ببطء حتى دخلت غرفة رغد ، و تعجبت إذ رأيت الظلام مخيما عليها !

صغيرتي تخاف النوم في الظلام الشديد و تصر على إضاءة النور الخافت

اقتربت من السرير و أنا أدقق النظر بحثا عن وجه الصغيرة ، إلا أنني لم أره

أضأت ُ المصباح الخافت المجاور لسريرها ، و أصبت بالفزع حين رأيت السرير خاليا …
نهضت مذعورا … و تلفت من حولي … ثم أنرت المصباح القوي و دققت النظر في كل شيء … لم تكن رغد في الغرفة …
خرجت من الغرفة كالمجنون و ذهبت رأسا إلى غرفة دانة ، ثم سامر ، ثم جميع غرف المنزل و أنحائه و لم أبق منه مترا واحدا دون تفتيش … عدا غرفة والديّ
سرت و أنا أترنح و متشبث بأملي الأخير بأن تكون رغد هناك …

توقفت عند الباب ، و رفعت يدي استعدادا لطرقه فخانتني قواي

ماذا إن لم تكن رغد هنا ؟أين يمكن أن تكون ؟

القلق بل الفزع و الخوف على رغد تملكاني و ألقيا جانبا أي تفكير سليم من رأسي
طرقت الباب طرقات متوالية تشعر أيا كان بالذعر !
ثوان ، و إذا بأمي تقف أمامي في فزع :

" وليد ؟ خير يا بني ؟ "

التقطت عدة أنفاس متلاحقة ثم قلت :

" هل رغد هنا ؟ "

كنت أحدق بعين والدتي و كأنني أريد أن أخترقها إلى دماغها لأعرف الجواب قبل أن تنطق به …
قولي نعم أمي … أرجوك !

" نعم ! نامت هنا "

كأن جبلا جليديا قد وقع فوق رأسي لدى سماعي إجابتها
ارتخت عضلاتي كلها فجأة ، فترنحت و أنا أعود خطا للوراء حتى جلست على أحد المقاعد
والدتي أقبلت نحوي ، و ألقت نظرة سريعة على ساعة الحائط ، ثم عادت تنظر إلي بقلق …

" وليد ؟ ما بك عزيزي ؟ "

أغمضت عيني لثوان ، و أنا عاجز عن تحريك أي عضلة من جسمي …

ثم نظرت إليها و قلت بصعوبة :

" قلقت حين لم أجدها في غرفتها … بل كدت أموت قلقا … "

اقتربت مني والدتي ، و مسحت على رأسي و قالت :

" هوّ ن عليك يا بني …
جاءتني تبكي البارحة و تقول أنك غاضب منها و أخرجتها من غرفتك !
كانت حزينة جدا ! "

ربما تريد أمي معاتبتي لتصرفي مع رغد
أرجوك أمي يكفي فأنا قد نلت من تأنيب الضمير ما يكفي و يزيد …
ألا ترين أنني لم أنم حتى هذه الساعة بسبب ذلك …؟؟

" آسف لإزعاجك أماه ، تصبحين على خير "

رغد !
ما الذي تفعلينه بي !؟
نهضت متأخرا في الصباح التالي ، و حينما ذهبت إلى المطبخ وجدت أمي مشغولة في إعداد الطعام فيما تلعب رغد ببعض الدمى إلى جوارها

عندما رأتني رغد ، ابتسمت لها ، ألا أنها قامت و التصقت بأمي ، كأنها تطلب الحماية !

تضايقت كثيرا من هذا … هل أصبحت طفلتي الحبيبة تخاف مني ؟؟

" رغد ! تعالي إلي … "

لم تتحرك بل تشبثت بوالدتي أكثر ، الأمر الذي أشعرني بضيق شديد جدا فغادرت المطبخ فورا

ستنسى بعد قليل … إنها مجرد طفلة و الأطفال ينسون بسرعة !
بل من الأفضل ألا تنسى حتى تبقى بعيدة عني و أتخلص من أحد همومي !
في المساء ، حضرت أم حسام بطفليها حسام و نهلة لزيارتنا
أم حسام هي خالة رغد الوحيدة و التي كانت ترعاها في السابق ، بعد وفاة والديها
حسام هو ابنها الأكبر و البالغ من العمر سبع أو ثمان سنوات على ما أظن ، أما نهلة فتصغر رغد ببضعة أشهر
و يبدو أن ( أخا جديدا ) على وشك الانضمام لهذه العائلة !
رغد تحب خالتها هذه كثيرا ، و الخالة تتردد علينا من حين لآخر للاطمئنان على رغد

تحوّل بيتنا إلى ملعب أطفال … لعب ، ضحك، بكاء ، شجار ، عراك ، هتاف ، صراخ !

كانوا جميعا سعداء ، أما أنا فقد لزمت غرفتي و عكفت على الدراسة .

اختفت الأصوات تماما فيما بعد ، فاستنتجت أن الضيوف قد رحلوا .

في وقت العشاء ، كنت أول الجالسين حول المائدة فقد كنت جائعا ، و لم أكن قد تناولت أي وجبة رئيسية لهذا اليوم .

الكرسي المجاور لي هو الكرسي الذي تجلس عليه صغيرتي رغد عادة
و كنت أساعدها في تناول الطعام دائما

اجتمع أفراد أسرتي حول المائدة ، إلا أن الكرسي المجاور ظل شاغرا !

" أين رغد ؟؟ "

وجهت سؤالي إلى والدتي ، فأجابت :

" أصرت على الذهاب مع خالتها و بما أن الغد هو يوم جمعة تركتها تذهب لتبات عندهم ! "

اندهشت ، فهي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا … لطالما كانت الخالة تزورنا فلماذا تصر على الذهاب معها اليوم و اليوم فقط ؟؟

لقد فقدت شهيتي للطعام ، و لم أتناول منه إلا اليسير …

مساء الجمعة ذهبت مع أبي لإحضار رغد من بيت خالتها

دخلت أنا للمنزل فيما ظل والدي ينتظر في السيارة

لقد كان الأطفال ، رغد و نهلة و حسام ، يلعبون ببعض الألعاب في إحدى الغرف
عندما رأوني توقفوا عن اللعب ، و اخذوا يحدقون بي !

هل أبدو مرعبا ؟؟

ربما لأنني طويل و ضخم البنية نوعا ما !

ابتسمت لهذه المخلوقات الصغيرة ثم قلت :

" مرحبا أعزائي ! ألم تكتفوا من اللعب ! "

لم يبتسم أي منهم أو يحرك ساكنا !

وجهت نظري إلى صغيرتي رغد ، و قلت أخاطبها :

" صغيرتي الحلوة ! حان وقت العودة إلى البيت "

" لا أريد "

كانت أول جملة تنطق بها رغد ! إنها لا تريد العودة للبيت !

" ماذا رغد ؟ يجب أن نعود الآن فغدا ستذهبين إلى المدرسة ! "

" سأبقى هنا "

" رغد ! سوف نأتي بك إلى هنا لتلعبي كل يوم إن أردت ! هيا فوالدنا ينتظر في السيارة "

لم يبد ُ أنها عازمة على النهوض .

و الآن ؟؟ ماذا أفعل مع هذه الصغيرة ؟؟

كيف يجب أن يكون التصرف السليم ؟؟

تدخلت أم حسام قائلة :

" بنيتي رغد ، غدا سيحضرك وليد إلى هنا من جديد . و كل يوم إذا أردت اللعب مع نهلة فتعالي و أحضري ألعابك أيضا "

" لا أريد "

ثم بدأت بالبكاء …

ربما تظن خالتها أننا نسيء إليها بشكل ما !

ماذا جرى لهذه الصغيرة ؟ لماذا أصبحت لا تريد الاقتراب مني ؟ أكل هذا لأنني أخرجتها من غرفتي بقسوة تلك الليلة ؟
أم حسام أخذت تمسح على رأس الصغيرة و تهدئها و تكرر

" غدا سيحضرك وليد إلى هنا عزيزتي "

قلت ، محاولا إغراءها بالحضور بأي طريقة :

" سنمر بمحل البوضا و نشتري لك النوع الذي تحبين ! "

يبدو أن الفكرة أعجبتها ، فتوقفت عن البكاء و آخذت تنظر إلي …

قالت خالتها مشجعة :

" هيا بنيتي ، و عندما تأتين غدا سنشتري لك و لنهلة و حسام المزيد من البوضا و الألعاب "

و أخذت تقربها نحوي حتى صارت أمامي مباشرة

رفعت رغد رأسها الصغير و نظرت إلي

إنها نظرة لا أستطيع نسيانها ما حييت …

كأنها تعاتبني على قسوتي معها … و تقول … خذلتني !

مددت يدي و رفعت الصغيرة عن الأرض و ضممتها إلى صدري و قبلت جبينها

كيف لي أن أعتذر ؟

إنها اليتيمة التي و لو بذلت الدنيا كلها لأجلها ، ما عوضتها عن لحظة واحدة تقضيها في حضن أمها أو أبيها …

قلت :

" ماذا تودين بعد ؟ لعبة جديدة أم دفتر تلوين جديد ؟ "

قالت :

" أريد لعبة و أريد دفترا "

قلت :

" يا لك من سيدة طماعة ! حاضر ! كما تأمرين سيدتي ! "

فابتسمت لي أخيرا …

شعرت بشيء ما يحرك بنطالي …

نظرت إلى الأسفل فإذا بها نهلة تمسك ببنطالي و تهزه ، ثم تقول :

" احملني ! "

نظرت إليها بدهشة و استغراب !

" رغد تقول أنك قوي جدا و كنت تحملها مع دانة سوية "

ربّاه !!

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

في تلك الليلة ، جعلت رغد تنام على سريري للمرة الأخيرة … و لونت معها كثيرا و قرأت لها أكثر من قصة ، و طبعا اشتريت لها أكثر من لعبة و أكثر من دفتر تلوين إضافة إلى البوضا !
ربما كانت هذه طريقتي في الاعتذار !
إن كنت أدلل صغيرتي كثيرا فهذا لأنني أحبها كثيرا …
و هي نائمة على سريري بسلام ، أخذت أتأملها بعطف و محبة …
كم هي رائعة !
و كم أنا متعلق بها !
كم يبدو هذا جنونا !
ذهبت إلى حيث وضعت صندوق الأماني ، فأخذته و جعلت أنظر إليه بحدة
كم تمنيت لو أن بصري يخترق الصندوق إلى ما بداخله !
ليتني أعرف … الاسم الذي تلا هذه الجملة

( عندما أكبر سوف أتزوج …. ؟ )

عندما تكبرين يا رغد …

فقط عندما تكبرين ….

فإنني …

~ ~ ~ ~ ~ ~

في أحد الأيام ، قررنا تناول بعض المشويات في المنزل

في حديقة المنزل أعد والدي ما يلزم و أشعل الفحم

كان يوما جميلا ، و كنا مسرورين لهذه ( النزهة المنزلية ) التي قلما تحدث

الأطفال ، سامرـ إن كنت أعتبره طفلا ـ و دانة و رغد كانوا يتجولون هنا و هناك
سامر مهووس بدراجته الهوائية و التي لا يتوقف عن قيادتها و العناية بها في جميع أوقات فراغه ، و رغد تهوى كثيرا الركوب معه ، و قد تعلمت كيف تقودها بنفسها
كانت تقود الدراجة فيما يجلس سامر على المقعد الحفي ، و كانت تترنح ذات اليمين و ذات الشمال و تسقط بالدراجة من حين لآخر
ألا أنها كانت سقطات خفيفة غير مؤذية ، يستمتعان بها و يضحكان مرحين !
دانة كانت تساعد أمي في إعداد اللحم ، فيما والدي يهف الجمر فيزيده اشتعالا
كنت أنا أراقب الجميع في صمت و برود ظاهري ، بينما أشعر بشيء يتحرك و يشتعل في صدري مثل ذلك الجمر … لا أعرف ما يكون …؟؟

ذهب والدي لإحضار شيء ما …
و ابتعاده عن الجمر أعطاني مجالا أوسع لأراقب اشتعاله و تأججه …
و جحيمه !

إن عيني ّ كانتا تتنقلان بين رغد و سامر على الدراجة ، و بين الجمر المتقد …

ثم شردت …

فجأة … ترنحت الدراجة و هي تسير بسرعة ، تقودها رغد الصغيرة ، و قبل أن يتمكن سامر من إيقافها ارتطمت بشيء فسقطت …

كان يمكن لهذه السقطة أن تكون عادية كسابقاتها لو أن الشيء الذي ارتطمت الدراجة به لم يكن صينية الجمر المتقد ….

تعالت الأصوات و انطلق الصراخ القوي يزلزل الأجواء …

ركضنا جميعا نحو الاثنين بفزع …

والدتي تولول ، و دانة تصرخ … و رغد تصرخ … و سامر يتخبط مستنجدا … صارخا … من فرط الألم …

جمرة واحدة أصابت رغد بحرق في ذراعها الأيسر …

أما سامر …

فقد انتهى بوجه مشوه مخيف ، و جفن منكمش يجعل العين اليمنى نصف مغلقة … مدى الحياة …

لقد كان حادثا سيئا جدا … و انتهى يومنا الجميل بندبة لا تمحى …

و رغم العمليات التي خضع لها ، ألا أن وجه سامر ظل يحمل أثر الحادثة المشؤومة إلى الأبد

رغد و التي خرجت من الحادث بأثر حرق واحد في الذراع ، خرجت منه بآثار عميقة لا تمحى في الذاكرة و القلب

أما دانة ، فقد غرست في نفس رغد الاعتقاد الأكيد بأنها السبب فيما حدث لسامر لأنها من كان يقود الدراجة وقتها

رغد أصبحت مرعوبة فزعة متوترة معظم الأوقات … و أصبحت تخشى النوم بمفردها و تصر على أن أبقى إلى جانبها حتى تدخل عالم النوم ، و كثيرا ما كانت تستيقظ فزعة من النوم في أوائل الأيام … و تركض إلي …

و المرة التي كنت أعتقد أنها الأخيرة ، تلتها مرات أخرى ، نامت فيها الصغيرة في غرفتي … طالبة الأمان و الطمأنينة …

" وليد أنا خائفة … النار مؤلمة … "

" وليد لن أركب الدراجة ثانية ً … "

" وليد لا أريد أن أبقى وحدي … الجمر يلاحقني … "

" وليد … عندما أكبر سأصبح طبيبة و أعالج سامر " !

و في إحدى تلك المرات ، كتبت إحدى أمانيها و أدخلتها في ذلك الصندوق !

و هذه المرة لم تسألني عن أية كلمة …

لكنني أكاد أجزم بأنها كتبت :

( يا رب اشف سامر ) !

توالت الأيام و الشهور … و تأقلم الجميع مع ما حدث ، و سامر اعتاد رؤية وجهه المشوه في المرآة و تقبله ، و استسلم الجميع إلى أنها حادثة قضاء و قدر …

أما أنا …

فأشك في أن شيطانا قد خرج من صدري و قاد الدراجة نحو الجمر المتقد …
و احرق سامر و رغد بنار كانت في صدري …

و لم تزد النار صدري إلا اشتعالا

و لم تزد الحادثة الاثنين إلا اقترابا …

و لم تزدني الأيام إلا تعلقا و تشبثا و جنونا برغد ….

الحلقةالخامسة

*******

~ أحلام الجحيم ~

أنهيت دراستي الثانوية أخيرا !
إنني أريد الالتحاق بالجامعة ، ألا أن القصف الجوي الذي تعرضنا له مؤخرا دمر مبنى الجامعة التي كنت أريدها
كما دمّر جزءا من المصنع الذي يملكه والدي
أوضاع بلدنا في تدهور ، و الحرب منذ أن اندلعت قبل عامين تقريبا لم تتوقف …
مستوانا المادي تراجع نتيجة لهذه الأحداث .
الدراسة تعني لي الكثير الكثير ، خصوصا بعدما حدث …
إنها أحد أحلام حياتي …
ما أكثر الأحلام !

أتذكرون صندوق الأحلام الخاص برغد و الذي صنعته لها قبل ثلاث سنوات ؟
أضفت ُ إليه حلما جديدا يقول :

( أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم ! ) !

اعتقد أن الأمور الإدارية تليق بي كثيرا !

وجدت فرصة هبطت علي ّ من السماء لأبتعث للدراسة في الخارج ، شرط أن أجتاز أحد امتحانات القبول ، و الذي سأجريه بعد الغد

و ما أقرب بعد الغد !

إن مصيري و مستقبلي معلّق بذلك اليوم …

إنني قد عدت لقراءة بعض المواضيع من المواد الدراسية المختلفة استعداد له

ادعوا لي بالتوفيق !

في الوقت الراهن أنا بدون شاغل ، أو لنقل … عاطل عن المستقبل !

خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد طولي وحجمي كثيرا و أصبحت عملاقا و ضخما !

تعديت طول والدي و أصبحت أشعر ببعض الخجل كلما وقفت إلى جانبه !

أما صغيرتي المدللة ، فلم تتغير كثيرا !

لا تزال نحيلة و صغيرة الحجم ، كثيرة المطالب ، و شديدة التدلل !

و المنافسة بينها و بين دانة حتى على الأشياء البسيطة لا تزال قائمة !

و اعتقد أنكم تتوقعون أنني …

لازلت مهووسا بها كما السابق ، بل و أكثر …

وصلت الآن إلى بوابة المدرسة الابتدائية ، و ها أنا أرى الفتاتين تقبلان نحو السيارة !

و راقبوا ما سيحصل !

تتسابق الاثنتان نحو الباب الأمامي …

تصل إحداهما قبل الأخرى بجزء من الثانية

تحاول كل واحدة فتح الباب و الجلوس في المقعد المجاور لي

تتنازعان

تتشاجران

تحتكمان إلي !

" وليد ! أنا وصلت قبلها "

" بل أنا يا وليد … أليس كذلك ؟ "

" وليد قل لها أن تبتعد عني "

" أنا من وصل أولا ! دعها تركب خلفك وليد "

" كفى ! "

كل يوم تتكرر نفس القصة ! و الآن علي ّ أن أضع جدولا مقسما فيما بينهما !

" حسنا … من التي كانت تجلس قربي يوم أمس ؟ "

أجابت دانة :

" أنا "

قلت :

" إذن ، اليوم تجلس رغد و غدا دانة و هكذا ! اتفقنا ؟؟ "

و بزهو و نشوة الانتصار ، ركبت السيدة رغد و جلست على الكرسي الأمامي بجانبي !

فيما ترمق دانة بنظرات ( التحسير ) !

كم سأفتقد هاتين المشاكستين !

" وليد تعلمنا درسا صعبا في ( الرياضيات ) أريدك أن تساعدني في حل التمارين "

" حسنا رغد "

" و أنا أيضا أريدك أن تساعدني في تمارين القواعد "

" حسنا دانة ! "

قالت رغد بسرعة :

" لكن أنا أولا فأنا سألتك أولا "

قالت دانة :

" درسي أنا أصعب . أنا أولا يا وليد "

أنا أولا … أنا أولا … أنا أولا …

ويلي من هاتين الفتاتين !

كلا ! لن أفتقدهما أبدا !

كنت معتادا على تعليم الفتاتين في أحيان كثيرة ، خصوصا بعد تخرجي من المدرسة …

مواقف كثيرة ، و كثيرة جدا ، هي التي حصلت خلال السنوات الماضية و لكنني اختصرت لكم

قدر الإمكان …

حينما وصلنا إلى البيت ، بالتحديد عندما هممت بإدخال المفتاح في الباب لفتحه ، بدأت منافسة جديدة …

" أعطني المفتاح أنا سأفتحه "

" لا لا ، أنا سأفتحه وليد "

" لا تقلديني ! "

" أنت لا تقلديني "

و احتدم النزاع !

أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما !

قلت بحدة :

" أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما "

المفروض أن نبرتي كانت حادة و مهددة ، و تثير الخوف ! إلا أن رغد أخذت تضحك ببساطة !

التفت إليها و قلت :

" لم الضحك ؟؟ "

قالت و هي تقهقه :

" لن تجد شيئا في رأس دانة من الداخل ! "

قالت دانة :

" بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ "

رغد :

" ماذا ؟ "

دانة :

" البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم ! "

رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ

" و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة "

و تبادلت الاثنتان مجموعة من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى أصابتاني بالصداع و التخمة !!

قلت :

" يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج منه "

و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما سارت رغد ببطء و انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب …

" وليد ! "

التفت إليها و أنا ممتلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد :

" ماذا بعد ؟؟ "

قالت :

" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "

اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت :

" عفوا ؟؟ ! "

رددت :

" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "

" و لماذا ؟؟ "

ابتسمت بخبث و قالت :

" لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت طويــــــــــــــــــــــــــــل "

ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول :

" هكذا ؟؟ "

رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف !

أتذكرون كم كانت تعشق أن أحملها !؟
لا تزال كذلك !

دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا لا أزال أحملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة

قالت أمي :

" رغد ، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام "

قامت رغد ، و هي تنزع الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول :

" بطاطا مقلية ؟ "

" نعم ! حضرتها لأجلك "

و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ .

للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا !

والدتي استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي :

" لم تعد صغيرة ! "

ركزت بصري عليها ، و قلت :

" رغد ؟ لقد كبرت قليلا ! "

" لم تعد صغيرة لتحملها على ذراعيك "

غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت …

إذن ، فهي معترضة على حملي للصغيرة هكذا …؟

" و لكن … إنها مجرد طفلة صغيرة و خفيفة ! و هي تحب ذلك … "

" إنها في الثامنة من العمر يا وليد … "

جملة والدتي هذه ، جعلت شريط الذكريات يعرض فجأة في مخيلتي …

تذكرت كيف حضرت إلى منزلنا قبل ست أو سبع سنين … !

آه … ( المخلوقة البكاءة ) !

يا للأيام …

من كان ليصدق أنني ( ربيت ) رغد في جحري و أطعمتها بيدي و سرحت شعرها و نظفت أذنيها !
من جرّب أن يكون أما و أبا ليتيمة ، و هو طفل أو حتى مراهق لم يبلغ العشرين !
يا للذكريات !

في غرفتي لاحقا ، أخذت أقلب ألبوم الصور الذي يشمل أفراد عائلتي …
صحيح … لقد كبرت الصغيرة !
مر الوقت سريعا …
و ها أنا مقدم على الجامعة ، و حين أسافر … … …

توقفت عند هذا الحد …
فأنا لا أستطيع التفكير فيما بعد ذلك
كيف لي أن أبتعد عن أهلي و وطني …؟
كيف لي أن أتحمل الغربة و الوحدة ؟
كيف لصباح أن يطلع علي ، دون أن أحتسي شاي والدتي العطر ، و كيف لشمس أن تغرب دون أن أقرأ أخبار الصحف لوالدي ؟
كيف لعيني أن تغمضا دون أن أتمنى لأخوتي نوما هانئا …
كيف لقلبي أن ينبض … دون أن أحمل رغد على ذراعي ؟؟؟

إنني سأذهب لإجراء الامتحان بعد الغد و إذا ما اجتزته ، فسأغادر البلد خلال أسبوع أو أكثر بقليل

إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس …
هل أقوى على ذلك ؟؟
لابد لي من ذلك … فأحوالنا في تدهور و شهادتي الجامعية ستعني الكثير …

المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة ذهبية أن أضيف اسمي إليهم و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله …

قلبت الألبوم و أنا في حيرة … أي صورة آخذها معي ؟؟
ثم وقع اختياري على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي !
فيما ترتسم ابتسامة رائعة على وجهها الجميل …

" هذه هي ! "

أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة جيبي .

في المساء ، ذهبت مع أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر رغبة في شراء بعضها

فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم .

عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد أن والده ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات … بطريقة ( غير قانونية ! )

عندما رآني عمّار ، أقبل نحوي تسبقه ضحكته البغيضة ، و قال :

" يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي جامعي شاغر لك !؟ أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ "

و بدأ مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة

أوليتهم ظهري فقال عمّار :

" لا تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو … ما رأيك بالعمل عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! "

سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك اللئيم ، و ثار قائلا :

" لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين ! "

صرخ عمّار قائلا :

" اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث ! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ "

و التفت إلى أصحابه و قال :

" اهربوا يا شباب ! الأعور الدجال ! "

سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد عمّار و أصحابه …

لحظتها ، شعرت برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده …

أخي سامر نال منهم أيضا

و احتدّ العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة !

في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي خلسة .

عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر … ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن … و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا …

ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع لعملية تجميل جديدة …
لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك ….

عندما أحصل على شهادتي الجامعية … و أعمل و أكسب المال ، فسوف أعرضه على أمهر جراحي التجميل ، ليعيده كما كان …

فقط عندما أحصل على شهادتي …

في اليوم التالي ، وجدت سيارتي مليئة بالخدوش المشوهة !

" إنه عمّار الوغد ! تبا له ! "

أوصلت أخوتي للمدرسة ، و شغلت نفسي ذلك الصباح بمزيد من الإعدادات للسفر المرتقب !

امتحاني سيكون يوم الغد … لذا ، قضيت معظم الوقت في قراءة مواضيع شتى من كتبي الدراسية السابقة …

و كلما قلبت صفحة جديدة من الكتاب ، قلبت صفحة من ألبوم الصور …
كيف أستطيع فراق أهلي …؟
كيف أبتعد عن رغد ؟
إنني أشعر بالضيق إذا ما مضت بضع ساعات دون أن أراها و أداعبها … و أنزعج كلما باتت في بيت خالتها بعيدا عني …

فيما أنا منهمك في أفكاري و قراءتي ، جاءتني رغد … !

طرقت الباب ، ثم دخلت الغرفة ببطء ، تاركة الباب نصف مفتوح …

" وليد … لدي تمرين صعب … ساعدني بحله "

لم يكن هناك شيء أحب إلي من تعليم صغيرتي ، ألا أنني يومها كنت مشغولا … لذا قلت :

" اطلبي من والدتي أو سامر مساعدتك ، فأنا أريد أن أذاكر ! "

لم تتحرك من مكانها !
نظرت إليها مستغربا و قلت :

" هيا رغد ! أنا آسف لا أستطيع مساعدتك اليوم ! "

و بقيت واقفة في مكانها …
إذن فهناك شيء ما !
حفظت هذا الأسلوب !

تركت الكتاب من بين يدي و نهضت ، و قدمت إليها و جثوت على ركبتي أمامها :

" رغد … ما بك ؟ "

تقوس فمها للأسفل في حزن مفاجئ و قالت :

" هل صحيح أنك ستسافر بعيدا ؟ "

فاجأني سؤالها ، إنني لم أكن أتحدث عن أمر السفر معها ، فالحديث سابق لأوانه …

قلت مازحا :

" نعم يا رغد ! إلى مكان بعيد لا يوجد فيه رغد و لا دانة و لا شجار ! و سأترك رأسي هنا ! "

لم يبد ُ أنها فهمت مزاحي أو تقبلته ، إذ أن تقوس فمها الصغير قد ازداد و بدأت عيناها تحمرّان

قالت :

" و هل ستأخذني معك ؟ "

هنا … عضضت على شفتي و جاء دور فمي أنا ليتقوس حزنا …
طردت الموجة الحزينة التي اعترتني

و قلت :

" من أخبرك بأنني سأسافر ؟؟ "

" سمعت والداي يتحدثان بهذا "

مسحت على رأسها و قلت :

" سأسافر فترة مؤقتة لأدرس ثم أعود "

" و أنا ؟؟ "

" ستبقين مع الجميع و حالما أنهي دراستي سأعود و آخذك إلى أي مكان في العالم ! "

" لا أريدك أن تذهب وليد ! من الذي سيحبني كثيرا مثلك إذا ذهبت ؟ "

شعرت بخنجر يغرس في صدري …

رغد … أيتها الفتاة الصغيرة … التي تربعت في كل خلايا جسمي ، ألا تعلمين ما يعنيه فراقك بالنسبة لي !؟؟
لا أعرف إن كانت قد أحست بالطعنة التي مزقت قلبي أم أنني أهوّل الأمر ، ألا أن دموعها سالت ببطء من مقلتيها …

دموع أميرتي التي تزلزل كياني …
مددت يدي و مسحت دموعها و أنا أحاول الابتسام :

" رغد ! عزيزتي … لا يزال معك دانة و سامر … و أمي و أبي … و نهلة و حسام و سارة ( و سارة هي الابنة الثانية لأم حسام ) مع أمهم ! و كل صديقاتك ! لن تكوني وحيدة ! أنا فقط من سيكون وحيدا ! "

قالت بسرعة :

" خذني معك ! "

ضغطت على قبضتي ، و قلت :

" يا ليت ! لا يمكنني … صغيرتي ! لكنني عندما أعود … "

و لم أكمل جملتي ، رمت رغد بكتابها جانبا و قاطعتني بسيل من الضربات الخفيفة الموجهة إلى صدري …

إلى قلبي …

إلى روحي …

إلى كل عصب حي في جسدي …

و شريان نابض …

" لا تذهب … لا تذهب … لا تذهب … "

" رغد … "

" أنت قلت أنك ستعتني بي كل يوم و دائما ! لا تذهب … لا … لا … لا .. "

و أخذت تبكي بعمق …

و كلما حاولت المسح على رأسها أبعدت يدي و ضربت صدري استنكارا …

ضرباتها لم تكن موجعة ، لو أنني لم أكن مصابا ببعض الكدمات و الرضوض في صدري ، أثر عراكي الأخير مع عمّار و أصحابه …
شعرت بالألم ، و لكنني لم أحرك ساكنا …
تركت لها حرية التعبير عن مشاعرها قدر ما تشاء …
لم أوقفها … لم أبعدها … لم أنطق بكلمة بعد …
إنها رغد التي تربت في حضني … و عانقت ذات الصدر الذي تضربه الآن …
ليتهم لم يحرقوا الجامعة …
ليتهم لم يحرقوا المصنع …
ليتهم أحرقوا شيئا آخر …
ليتهم أحرقوا عمّار !

و يبدو أن صوت رغد قد وصل إلى مسامع والدي فجاء إلى غرفتي و وقف عند فتحة الباب …

عندما رأى ولدي رغد تضربني ، غضب من تصرفها و بصوت حاد قال ، و هو واقف عند الباب :

" رغد … توقفي عن هذا "

رغد رفعت رأسها و نظرت إلى والدي ، ثم قالت :

" لا تدعه يذهب "

إلا أن أبي قال بحدة :

" خذي كتابك و عودي إلى أمك ، و دعي وليد يدرس "

لم تتحرك رغد من مكانها ، فرفع والدي صوته بغضب و قال :

" ألم تسمعي ؟ اذهبي إلى أمك و كوني فتاة عاقلة "

رغد التقطت كتابها من على الأرض ، و خرجت من الغرفة

أما قلبي أنا فكان يعتصر ألما …

بعدها ، قلت لأبي :

" لماذا يا أبي ؟ إنها ستظل تبكي لساعات ! جاءت تطلب مني تعليمها "

والدي قال بغضب :

" لقد كانت والدتك تعلّمها ، و حين جيء بذكر سفرك ، حملت كتابها و أتت إليك ، نهيناها فلم تطع "

قلت مستاءا :

" لكنك صرفتها بقسوة يا أبي "

لم تعجب جملتي والدي فقال :

" أنت تدللها أكثر من اللازم يا وليد … يجب أن تعلمها أن تحترمك لا أن ترفع يدها عليك هكذا ، تصرف سيئ "

" لكني لا أستاء من ذلك يا أبي … إنها مجرد طفلة ، كما أنني أتضايق كثيرا إذا أساء أحد إليها ، والدي … أرجوكم لا تقسوا عليها بعد غيابي … "

من يدري ماذا يحدث ؟ بعد أن أغيب …؟
هل سيسيء أحد إلى طفلتي ؟؟
إنني لا أقبل عليها كلمة واحدة …
ليتني أستطيع أخذها معي !

انتظرت حتى انصرف والدي من المنزل ، ثم فتشت عن رغد ، فوجدها في غرفتها … و كما توقعت ، كانت غارقة في الدموع …

أقبلت إليها و ناديتها :

" رغد يا صغيرتي … "

رفعت رأسها إلي ، فرأيت العالم المظلم من خلال عينيها البريئتين …
اقتربت منها و طوّقتها بذراعي ، و قلت …

" لا تبكي يا عزيزتي فدموعك غالية جدا … "

قالت :

" لا تذهب … وليد … "

قلت :

" لا بد أن أذهب … فسفري مهم جدا … "

" و أنا مهمة جدا "

" طبعا أميرتي ! أهم من في الدنيا ! "

أمسكت بيدي في رجاء و قالت :

" إذا كنت تحبني مثلما أحبك فلا تسافر "

في لحظة جنون ، كنت مستعدا للتخلي عن أي شيء ، في سبيل هذه الفتاة …
و بدأت أفكار التخلي عن حلم الدراسة تنمو في رأسي تلك اللحظة …
ليتني … أيا ليتني استمعت إليها …
يا ليتني فقدت عقلي و جننت لحظتها بالفعل …
لكنني للأسف … بقيت متشبثا بحلمي الجميل ….

" عزيزتي ، سأكون قريبا … اتصلي بي كل يوم و أخبريني عن كل أمورك ! و إذا تشاجرت معك دانة فأبلغيني حتى أعاقبها حين أعود ! "

نظرت إلي نظرة سأضيفها إلى رصيد النظرات التي لن أنساها ما حييت …
ما حييت يا رغد لن أنسى هذه اللحظة …

" وليد … خذلتني … لم أعد أحبك "

رغد لم تكلمني طوال الصباح التالي ، بل و لم تنظر إلي …
كانت حزينة و قد غابت ضحكتها الجميلة و مرحها الذي يملأ الأجواء حياة و حيوية …
الجميع لاحظ ذلك ، و استنتجوا أنه بسبب موضوع سفري و غضب والدي منها يوم الأمس …
و كالعادة ، أوصلت سامر إلى مدرسته ، ثم دانة و رغد ….
وهي تسير مبتعدة عن السيارة و متجهة نحو مدخل المدرسة ، كانت رغد مطأطئة الرأس متباطئة الخطى
جعلت أراقبها قليلا ، فألقت علي نظرة حزينة كئيبة لم أتحمل رؤيتها فابتعدت قاصدا المكان الذي سأجري فيه اختباري المصيري …

المشوار إلى هناك يستغرق قرابة الساعة ، و كنت ألقي بنظرة على الساعة بين الفينة و الأخرى خشية التأخر

أعرف أنها فرصة العمر و أي تأخير مني قد يضيعها …

حينما أوشكت على الوصول ، وردتني مكاملة هاتفية عبر هاتفي المحمول من صديقي ( سيف ) يتأكد من وشوكي على الوصول . و سيف هذا هو أقرب أصحابي ، و هو مرشح معي أيضا لدخول الامتحان .
بعد دقيقة ، عاد هاتفي يرن من جديد …
كان رقما مجهولا !

" مرحبا ! لابد أنك وليد ! "

بدا صوتا غير معروف ، سألته :

" من أنت ؟؟ "

قال :

" يا لذاكرتك الضعيفة يا مسكين ! يبدو أن الضرب الذي تلقيته من قبضتي قد أودى بقدراتك العقلية ! "

الآن استطعت تمييز المتحدث … إنه عمّار !

" عمّار ؟؟؟ !"

" أحسنت ! هكذا تعجبني ! "

استأت ، كيف حصل على رقم هاتفي الخاص و ما الذي يريده مني ؟

" ماذا تريد ؟ "

" انتبه و أنت تقود ! أخشى أن تصاب بمكروه ! "

" أجب ماذا تريد ؟؟ "

ضحك ذات الضحكة الكريهة و قال :

" لا شك أنك في طريقك للامتحان ! أليس كذلك ! إن الوقت سيستغرق منك أقل من ساعتين فيما لو قررت الذهاب إلى المطار ! "

ضقت ذرعا به ، قلت :

" هل لي أن أعرف سبب اتصالك ؟ فإما أن تقول ماذا أو أنه ِ المكالمة "

" رويدك يا صديقي ! سأمهلك ساعتين فقط ، حتى تمثل أمامي و تعتذر قبل أن أسافر بهذه الصغيرة بأي طائرة ، إلى الجحيم ! "

بعدها سمعت صرخة جعلت جسدي ينتفض فجأة و يدي ترتعشان ، و المقود يفلت من بينهما ، و السيارة تنحرف عن حط مسيرها ، حتى كدت أصطدم بما كان أمامي لو لم تتدخل العناية الربانية لإنقاذي ….

" وليد … تعال … "

لقد كان صوت رغد ….

جن جنوني …

فقدت كل معنى للقدرة على السيطرة يمكن أن يمتلكه أي إنسان … مهما ضعف

صرخت :

" رغد ! أهذه أنت رغد ؟؟ أجيبي "

فجاء صوت صراخها و بكاؤها الذي أحفظه جيدا يؤكد أن أذني لا زالتا تعملان بشكل جيد …

" رغد أين أنت ؟ رغد ردي علي ّ "

فرد عمّار قائلا :

" تجدنا في طريق المطار ! لا تتأخر فطائرتي ستقلع بعد ساعتين … إلا إن كنت لا تمانع في أن أصطحب شقيقتك معي !؟ "

صرخت :

" أيها الوغد أقسم إن أذيتها لأقتلنك … لأقتلنك يا جبان "

ضحك ، و قال :

" لا تتأخر عزيزي و لا تثر غضبي ! تذكر … طريق المطار "

ثم أنهى المكالمة …

استدرت بسيارتي بجنون ، و انطلقت بالسرعة القصوى متجها نحو المطار …

لم أكن أرى الطريق أمامي ، الشوارع و السيارات و الإشارات … اجتزتها كلها دون أن أرى شيئا منها

لم أكن أرى سوى رغد

و أتذكر كيف كانت تنظر إلي قبل ساعة …

ثم أتخيلها في مكان بين يدي عمّار

لم أعرف كيف أربط بين الأحداث أو أفكر في كيفية حدوث أي شيء …

أريد أن أصل فقط إلى حيث رغد

لا أعرف كم الوقت استغرقت …

شهر ؟

سنة ؟

قرن ؟

بدا طويلا جدا لا نهاية له …

و سرت كقارب تائه في قلب المحيط …

أو شهب منطلق في فضاء الكون …

لا يعرف إلى أين …

و متى

و كيف سيصل …

و بم سيصطدم …

أخذت هاتفي و اتصلت برقم عمّار الظاهر لدي ، أجاب مباشرة :

" لقد انقضت عشرون دقيقة ! أسرع فشقيقتك ترتجف خوفا ! "

" إياك أن تؤذها … و إلا … "

" سأفعل إن تأخرت ! "

" أيها الـ … … … دعني أتحدث إليها "

جاءني صوتها الباكي المذعور :

" وليد لا تتركني هنا "

" رغد … عزيزتي أنا قادم الآن … لا تخافي صغيرتي أنا قادم "

" أنا خائفة وليد تعال بسرعة أرجوك … آه … أرجوك … "

أي عقل تبقى لي ؟؟

لماذا لا تتحرك هذه السيارة اللعينة ؟

لماذا لم اشتر صاروخا لمثل هذه الظروف ؟

لماذا لم تحترق في الحرب يا عمّار …

ألف لعنة و لعنة عليك أيها الجبان … ويل لك مني ..

بعد ساعة و نصف ، و فيما أنا منطلق كالبرق على الشارع المؤدي إلى المطار ، إذا بي ألمح سيارة تقف جانبا ، و يقف عندها رجل

و أنا أقترب توضح لي أنه عمّار

بسرعة ، أوقفت سيارتي خلف سيارته مباشرة و نزلت منها كالقذيفة و ركضت نحوه ، في الوقت الذي فتح هو في الباب ، و أخرج رغد من السيارة …
جاءت رغد تركض نحوي فالتقطتها و رفعتها عن الأرض و أطبقت بذراعي حولها بقوة …

" رغد … رغد صغيرتي … أنا هنا … أنا هنا عزيزتي "

رغد كانت تحاول أن تتكلم لكنها لم تستطع من شدة الذعر …

كانت ترتجف بين يدي ارتجاف الزلزال المدمر … كانت تحاول النطق باسمي لكن لم تستطع النطق بأكثر من

" و … و … و "

انهمرت دموعي كالشلال و أنا أضغط عليها و هي تضغط علي و تتشبث بي بقوة و أشعر بأصابعها تكاد تخترق جسدي فيما ترفع رجليها للأعلى كأنما تتسلقني خشية أن تلامس رجلها الأرض و تفقدها الأمان …

" أنا معك عزيزتي لا تخافي … معك يا طفلتي معك … "

حاولت أن أبعد رأسها قليلا عني حتى أتمكن من رؤية عينيها و إشعارها بالأمان ، لكنها بدأت بالصراخ و تشبثت بي بقوة أكبر و أكبر كأنها تريد أن تدخل بداخلي …

" وليد ! لديك امتحان مهم ! هل ستضيّع الفرصة ؟ "

قال هذا عمّار الوغد و أطلق ضحكة كبيرة …

انتابتني رغبة في تحطيمه ألا أن رغد عادت تصرخ حينما خطوت خطوة واحدة نحوه …

" خسارة يا وليد ! جرّب حظك في مصنع والدي ! "

و ابتسم بخبث :

" دفّعتك الثمن … كما وعدت "

ثم استدار و هم بركوب سيارته …

خطوت خطرة أخرى نحوه ، فأخذت رغد تصرخ بجنون :

" لا .. لا .. لا .. لا .. لا "

انثنى عمّار ليدخل السيارة ، ثم توقف ، و استقام ، و استدار نحوي و قال :

" نسيت أن أعيد هذا ! "

و من جيب بنطاله أخرج شريطا قماشيا طويلا ، و رماه في الهواء باتجاهي

رقص الشريط كالحية في الهواء ، وأنا أراقبه ، في نفس اللحظة التي ظهرت فيها طائرة في السماء مخترقة قرص الشمس المعشية ، و دوت بصوتها في الأجواء ، فيما يتداخل صوتها مع صوت عمّار وهو يقول :

" إلى الجحيم ! "

ثم هبط الشريط المتراقص تدريجيا و بتمايل حتى استقر عند قدمي ّ …

ركزت نظري على الشريط ، لأكتشف أنه الحزام الذي تلفه رغد حول خصرها ، و التابع لزيها المدرسي الذي ترتديه الآن …

رفعت نظري ببطء و ذهول و صعق إلى وجه عمّار ، فحرك هذا الأخير زاوية فمه اليمنى بخبث إلى الأعلى في ابتسامة قضت علي ّ تماما … و دمرتني تدميرا

أبعدت وجه رغد عن كتفي و أجبرتها على النظر إلي … فيما أنا عاجز عن رؤية شيء … من عشي الشمس … و هول ما أنا فيه …

لم أر إلا دمارا و حطاما و نارا و جحيما …

لهيبا … و صراخا … و دموعا تحترق … و آمالا تتبعثر … و أحلاما تظلم …

سوادا في سواد …

عند هذه اللحظة ، نزعت رغد عني عنوة ، و دفعت بها أرضا و نظرت من حولي فإذا بي أرى صخور كبيرة قربي …

التقطت واحدة منها ، و بسرعة لا تجعل مجالا للمح البصر بإدراكها ، و قوة لا تسمح لشيء بمعاكستها ، رميتها نحو عمار و هو يهم بركوب سيارته ، فارتطمت برأسه … و صرخ … و ترنح لثوان ..

ثم هوى أرضا …

و انتفض جسده …

و انتزعت روحه …

و إلى الجحيم …

الحلقة السادسة

*******

~ لا ترحل يا وليــــــــــد ~

وقفت جامدا في مكاني ، و أنا أراقب عمّار يترنح ، ثم يهوي ، و تسكن حركاته …
كان دوي الطائرة يزلزل طلبتي أذني … دققت النظر إليه … لم يحرّك ساكنا
رفعت قدمي بصعوبة و حثثتها على السير نحو عمّار
بصعوبة وصلت قربه فرأيت عينيه مفتوحتين ، و الدماء تسيل من أنفه ، و صدره ساكنا عن أية أنفاس …
أدركت … أنه مات … و إنني أنا … من قتله
استدرت للخلف و عيناي تفتشان عن رغد …
صغيرتي الحبيبة …
مدللتي الغالية …
مهجة قلبي …
رأيتها تقف بذعر عند سيارتي ، و تنظر إلي و دموعها تنهمر بغزارة ، فيما يستلقي حزامها القماشي على الرمال الناعمة بكل هدوء …

بتثاقل و بطء ، بانهيار و ضعف شديدين ، سرت باتجاهها …
نفذ كل ما كان في جسدي من طاقة ، فكأنما كنت أعمل على بطارية انتزعت مني و تركتني بلا طاقة و لا حراك …

في منتصف الطريق ، انهرت …

خررت على الأرض كما تخر قطعة قماش كانت متدلية كالستار المثبت إلى الحائط و ارتطمت ركبتاي بالرمال … و هبطت أنظاري برأسي نحو الأرض …
رفعت رأسي بصعوبة و نظرت إلى رغد ، و هي لا تزال واقفة في نفس الموضع و الوضع …
بصعوبة فتحت ذراعي قليلا ، و قلت بصوت مخنوق خرج من رئتي :

" تعالي … "

رغد نظرت إلي دون أن تتحرك ، فعدت أقول :

" تعالي … رغد "

الآن ، أقبلت نحوي بسرعة ، و بقوة ارتمت في حضني و كادت تلقيني أرضا …
طوّقتني بذراعيها بقوة ، و حين حاولت تطويقها أنا عجزت إلا عن رمي ذراعي المنهارتين حولها بضعف

بكيت كثيرا … و كثيرا جدا …
لما ضاع … و لما انتهى ..
و لما هو آت و محتوم …

بقينا على هذا الوضع بضع دقائق ، لا أقوى على قول أو فعل شيء … و السكون التام يسيطر على الأجواء …

كان طريقا بريا موحشا ، و لم تمر بنا أية سيارة حتى الآن …

استعدت من القوة ما أمكنني من تحريك يدي قليلا ، فجعلت أمسح على رأس طفلتي و أنا أقول بحرقة و مرارة :

" سامحيني يا رغد … سامحيني … "

رغد استردت أنفاسها التائهة ، و قالت و وجهها لا يزال مغمورا في صدري :

" دعنا نعود للبيت "

أبعدت رأسها قليلا عني و سمحت لأعيينا باللقاء … و أي لقاء ؟؟
لقاء مبلل بسيول عارمة من الدموع الدامية
لم يجد لساني ما يستطيع النطق به …
حاولت النهوض أخيرا ، و ذراعاي تجاهدان من أجل حمل الصغيرة ، ففشلت

أطلقت صيحة حسرة و ألم مريرة تمنيت لو أنها زلزلت الكون كله ، و حطمت كل الأجرام و الكواكب و من عليها … و محت الدنيا من الوجود …

و طفلتي الصغيرة تبكي على صدري مذعورة فزعة … و عدوّي الوغد جثة هامدة تقطر دما … و حلمي الكبير قد ضاع و تلاشى كغبار عصفت به ريح غادرة …
و مصيري المجهول البعيد … كما وراء الأفق … و الساحة الخالية إلا من رغد وأنا … و الشمس تشهد ما حدث و يحدث … رفعت يدي إلى السماء … و صرخت :

" يا رب …. "

استطعت أخيرا أن اشحن بالطاقة الكافية ، لأنهض و أحمل صغيرتي على ذراعي ، و أسير بها نحو السيارة …

لم أجلسها على المقعد المجاور لا ، بل أجلستها ملتصقة بي ، فأنا لا أريد لبضع بوصات أن تبعدها عني …

رن هاتفي المحمول ، و الذي كان في السيارة ، ألقيت نظرة لا مبالية على اسم المتصل الظاهر في الشاشة ، كان صديقي سيف ، أخذت الهاتف و أسكته ، و ألقيت به جانبا … فكل شيء قد انتهى …

انطلقت بالسيارة ببطء ، و أنا لا أعرف إلى أين أتجه … فكل شيء أمامي كان مبهما و مجهولا …

قطعت مسافة طويلة في اتجاهات متعددة ، و نار صدري تتأجج ، و دموعي عاجزة عن إطفاء شرارة واحدة منها …

صغيرتي ، ظلت متشبثة بي ، لا تتكلم ، و تنحدر دمعة من عينها تخترق صدري و تمزق قلمي قبل أن ينتهي بها المصير إلى ملابسها المتعطشة لمزيد من الدموع …

بعد فترة ، مررت في طريقي بحديقة عامة

و تصورا أي تصرف لا يمت لوضعي بصلة ، هو الذي بدر مني دون تفكير !

" رغد عزيزتي ، ما رأيك باللعب هنا قليلا ؟ "

رغد رفعت بصرها إلي ببراءة و شيء من الاستغراب … فحتى على طفلة صغيرة محدودة المدارك ، لا يبدو هذا تصرفا طبيعيا ..

" سأشتري بعض البوضا لنا أيضا ! هيا بنا "

و أوقفت السيارة ، و فتحت الباب ، و نزلت و أنزلتها عبر الباب ذاته .

أمسكت بيدها و حثثتها على السير معي نحو مدخل الحديقة

هناك ، كان العدد القليل جدا من الناس يتنزهون ، مع أطفالهم الصغار ، فهو نهار يوم دراسي و حار …

إنني أعرف أن صغيرتي تحب الأراجيح كثيرا ، لذا ، أخذتها إلى الأرجوحة و بدأت أؤرجحها بخفة …

تخلخل الهواء ملابسها الغارقة في الدموع ، فجففها ، و صافحت وجهها الكئيب فأنعشته …

تصوروا أنها ابتسمت لي !

عندما كانت رغد تبتسم ، فإن الدنيا كلها ترقص بفرح في عيني ّ و البهجة تجتاح فؤادي و أي غبار لأي هموم يتبعثر و يتلاشى …

أما هذه الابتسامة … فقد قتلتني …

لم أع لنفسي إلا و الدموع تقفز من عيني ّ قفزا ، و أوصالي ترتجف ارتجافا ، و قلبي يكاد يكسر ضلوعي من شدة و قوة نبضاته …

تبتسمين يا رغد ؟ بكل بساطة … و كأن شيئا لم يكن !؟

ألا يا ليتني … قتلتك يا عماّر يوم تعاركنا …

ليتني قضيت عليك منذ سنين …

ليتني أحرقتك قبل أن تحرق قلبي و تدمر ماضي و مستقبلي … و تحطّم أغلى ما لدي …

" وليد "

انتبهت على صوت رغد تناديني ، و أنا غارق في الحزن المرير …

مسحت دموعي بلا جدوى ، فالسيل منهمر و الدمعة تجر الدمعة …

" نعم غاليتي ؟ "

" هل نشتري البوضا الآن ؟ "

أغمضت عيني …

و أوقفت الأرجوحة شيئا فشيئا ، فنزلت و استدارت إلي … فأخذتها في حضني و قلت باكيا و مبتسما :

" نعم يا صغيرتي ، سنشتري البوضا و أي شيء تريدينه … و كل شيء تتمنينه …
أي شيء أيتها الحبيبة … أي شيء … أي شيء … "

و انخرطت في بكاء قوي …

رغد ، تبدلت تعابير وجهها و قالت و هي تندفع للبكاء :

" لا تبكي وليد أرجوك "

و أجهشت بكاءا هي الأخرى …

جذبتها إلى صدري و طوقتها بحنان و عاطفة ممزقة … و بكينا سوية بكاءا يعجز اللسان عن وصفه …

و القلب عن تحمله ..

و الكون عن استيعاب فيض عبره

و امتزجت دموعنا …

و لو مر أحد منا لبكى …

و لو شهدتم بكاءنا لخررتم باكيين …

ألا و حسبنا الله و نعم الوكيل ….

بعد ذلك ، مسحت دموعها و دموعي ، و ابتسمت لها :

" إلى البوضا الآن ! "

حملت الطفلة الصغيرة الحجم الخفيفة الوزن الضئيلة الجسم البريئة الروح على ذراعي ، فهي تحب ذلك …

و أنا سأفعل كل ما تحبه و تريده … و لو أملك الدنيا و ما عليها لقدمتها لها فورا …

قبل الرحيل …

و هل سيعوّض ذلك شيئا …؟؟

اشترينا البوضا ، و جلسنا نتناولها قرب النافورة ، و حين فرغت من نصيبها اشتريت لها واحدا آخر …

و كذلك ، أطعمتها البطاطا المقلية فهي تحبها كثيرا !

أطعمتها بيدي هاتين …

نعم … بهاتين اليدين اللتين كثيرا ما اعتنتا بها … في كل شيء …

و اللتين قتلتا عمّار قبل قليل …

و اللتين ستكبلان بالقيود ، و تذهبان إلى حيث لا يمكنني التكهن …

جعلتها تلعب بجميع الألعاب التي تحبها ، دون قيود و دون حدود ، بل ركبت معها و للمرة الثانية في حياتها ذلك القطار السريع الذي جربنا ركوب مثيله قبل 3 سنوات …

و كم أسعدتها التجربة الثانية !

نعم … ببساطة … أسعدتها !

كأي طفلة صغيرة وجدت فرصة لتلهو … دون أن تدرك حقائق الأمور …

لهونا كثيرا … ، و حين اقترب الموعد الذي يفترض أن أكون فيه عند مدرسة رغد و دانة ، في انتظار خروجهما …

" عزيزتي ، سنذهب لأخذ دانة من المدرسة ، لا تخبريها عن أي شيء "

نظرت رغد إلي باستفهام ، أمسكت بكتفيها و قلت مؤكدا :

" لا تخبري أحدا عن أي شيء ، أنا سأخبرهم بأنك لم تشائي الذهاب للمدرسة فأخذتك معي … اتفقنا رغد ؟ عديني بذلك ؟ "

و ضغط على كتفيها و بدا الحزم في عيني … فقالت :

" حسنا "

قلت مؤكدا :

" أخبريهم فقط أنك ذهبت معي ، و نمت أثناء الطريق و لا تعلمين أي شيء آخر … لا تأتي بذكر أي شيء آخر رغد … فهمت ِ عزيزتي ؟ "

" نعم "

" عديني بذلك يا رغد … عديني "

" أعدك … وليد "

" إذا أخلفت وعدك ، فإنني سأرحل و لن أعود إليك ثانية "

توجم وجهها ، ثم أمسكت بيدي و شدّت قبضتها بقوة و اغرورقت عيناها بالدموع و تعابيرها بالفزع و قالت :

" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني . أعدك . أعدك "

وصلنا إلى البيت أخيرا ، بدا الوضع شبه طبيعي ، إلا من سكون غريب من قبل رغد و التي يفترض بها أن تكون مرحة …

الكل عزا ذلك للحزن الذي يعتريها بسبب سفري المرتقب .

سألتني أمي :

" كيف كان الامتحان ؟ "

قلت :

" سأخبرك بعد الغذاء "

و تركت العائلة تنعم بوجبة هنيئة أخيرة …

بعد ذلك ، ذهبت إلى غرفة والدي ّ في وقت قيلولتهما الصغيرة …

" والدي … والدتي … لدي ما أخبركما به "

بدا القلق على وجهيهما ، و تلعثمت الكلمات على لساني…

أمي ، حين لاحظت حالتي المقلقة قالت :

" هل الامتحان …. ؟؟ "

قلت :

" لم أحضر الامتحان "

اندهشا و تفاجأا …

قال والدي :

" لم تحضره ؟ كيف ؟؟ لماذا ؟؟ ماذا حصل ؟؟ "

نظرت إليهما ، و سالت دموعي … و انهرت … و طأطأت رأسي للأرض …

هتفت أمي بقلق و فزع :

" وليد ؟؟ "

أخذت نفسا عميقا … و رفعت بصري إليهما و بلسان مرتجف و جسد يرتعش و شفتين مترددتين قلت :

" لقد …. قتلت عمّار "

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

الهاتف المحمول الخاص بعمار، و الرقم الأخير الذي تم طلبه ، و الأخير الذي تم استقباله فيه ، و توقيت الاتصال ، و توقيت حدوث الوفاة ، و العراك الذي حصل مؤخرا بيني و بينه و تدخلت فيه الشرطة ، و عدم حضوري للامتحان ، كلها أمور قد قادت الشرطة إلي ّ بحيث لم يكن اعترافي ليزيدهم يقينا بأنني الفاعل …

بقي … شيء حيّرهم … تركته ساكنا في قلب الرمال …

حزام رغد

ما سر وجوده هناك … ؟؟

أنكرت أي صلة لرغد بالموضوع بتاتا ، و لدى استجوابها أخبرتهم أنها لا تعرف شيئا ، حسب اتفاقنا

سيف أيضا تم التحقيق معه ، و أكد للشرطة أنه حين اتصل بي كنت على مقربة من المبنى حيث قاعة الامتحان

و ظل السؤال الحائر :

لماذا عدت أدراجي ؟

ما الذي دفعني للذهاب إلى شارع المطار ، و الشجار مع عمّار ، و من ثم قتله

لماذا قتلت عمّار ؟؟

ما الذي أخفيه عن الجميع ؟؟

والد صديقي سيف كان محاميا تولى الدفاع عني في القضية ، باعتبار أنني قتلته دون قصد … و أثناء شجار … و بدافع كبير أصر على كتمانه …
و سأظل أكتمه في صدري ما حييت … فإن هم حكموا بإعدامي … أخبرت أمي قبل تنفيذ الحكم …
و إن عشت ، سأقتل السر في صدري إلى أن أعود … من أجل صغيرتي …

تعقدت الأمور و تشابكت … و ظلّ الغامض غامضا و المجهول مجهولا ،
و حكم علي ّ بالسجن لأمد بعيد …

" أمي … أرجوك … لا تخبري رغد بأنني ذهبت للسجن … اخبريها بأنني سافرت لأدرس … و سأعود حالما أنتهي … و قولي لها أن تنتظرني "

" أبي … أرجوك … لا تقسو على رغد أبدا … اعتنوا بها جيدا جميعكم …
فأنا لن أكون موجودا لأفعل ذلك "

كان ذلك في لقائي الأخير بوالدي ّ ، قبل أن يتم ترحيلي إلى سجن العاصمة حيث سأقضي سنوات شبابي و زهرة عمري فيه … بدلا من الدراسة في الجامعة … و أعود إن قدرت لي العودة خريج سجون بدلا من خريج جامعات … و بمستقبل أسود منته ، بدلا من بداية حياة جديدة و أمل …

هكذا ، انتهت بي الأحلام الجميلة …

هكذا ، أبعدت عن رغد … محبوبتي الصغيرة ، و لم يبق لي منها إلا صورتين كنت قد وضعتهما في محفظتي قبل أيام …

و ذكريات لا تنسى أحملها في دماغي و أحلم بها كل ليلة …

و صورتها الأخيرة مطبوعة في مخيلتي و هي تقول :

" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني "

الحلقة السابعة

*********
~ و بئس الحياة ~

لأن أخي وليد لم يعد موجودا ، فسأخبركم أنا ببعض ما حدث في بيتنا بعد المصيبة العظمى .
لم يكن تقبل أي منا لا أنا و لا والديّ أو دانة أو رغد لغياب وليد بالشيء السهل مطلقا و خصوصا رغد ، فهي متعلقة به كثيرا و رحيله أحدث كارثة بالنسبة لها
مرضت رغد في بداية الأمر بشكل ينذر بالخطر .
وليد قبل أن يخرج مع أبي من المنزل ذلك اليوم إلى حيث لم نكن نعلم ، مر بغرفة رغد و قد كانت مقيلة بعد الظهيرة .
أظنه ظل ّ يبكي هناك لفترة طويلة …
فتش جيوبه ثم أخرج مجموعة من تذاكر ألعاب حديقة الملاهي ، و وضعها إلى جانبها كما وضع ساعة يده … ثم قبل جبينها و غادر

أتى إلينا واحدا واحدا و جعل يعانقنا بحرارة و دموع مستمرة …

عندما سألت دانة :

" إلى أين تذهب يا وليد ؟؟ "

أجاب أبي :

" سيسافر ليدرس كما تعلمون "

الذي نعلمه أن موعد السفر لم يكن في ذلك اليوم … و لو يكن قد تحدد

إنني لم أعرف أنه في السجن غير اليوم التالي ، و قد أجبرت على كتم السر هذا عن الصغيرتين .

صحيح أنني تمنيت أن يهلك عمّار لحظة أن سحر مني و جعل الناس من حولي يضحكون علي ، إلا أنني لم أتمنى أن يكون شقيقي الأكبر و أخي الوحيد هو من يهلكه…

خلال السنوات الماضية ، كثيرا ما كان الشجار ينشب بينهما و عراكنا الأخير لم يكن غير حلقة من السلسلة …
خاتمة السلسلة
الحلقة الأخيرة …

فيما كنا جالسين في غرفة المعيشة بعد مغادرة أبي و وليد وصلنا صراخ غير طبيعي من غرفة رغد

أسرعنا جميعا نحوها فوجدناها في حالة فظيعة من الذعر و الخوف … و تصرخ " وليد … وليد …"

تلت ذلك مرات و مرات و حالات و حالات من الذعر و الفزع و الانهيار التي أودت بصحة الصغيرة لأسابيع …
في كل يوم ، بل كل ساعة ، تقوم رغد بالاتصال بهاتف وليد لكن دون جدوى

" لقد قال أنه سينتظر اتصالي كل يوم "

لقد كانت تعتقد أنه سافر ..

" أنا وفيت بوعدي … يجب أن يفي بوعده "

و الكثير من الهلاوس و الوساوس … و التصرفات الغير طبيعية التي صدرت منها …
و بدلا من أن تكبر … أظنها صغرت و عادت للوراء ست سنين ، أي كما جاءتنا أول مرة …
بكاء مستمر ، و خوف لا مبرر له ، تشبث جنوني بأمي ، حتى في النوم .
رفضت الذهاب للمدرسة أول الأيام ، كثيرا ما كانت تدخل غرفة وليد و تستلقي على سريرة و تبدأ بالبكاء ثم الصراخ ، حتى اضطرت والدتي لقفل تلك الغرفة لحين إشعار آخر …

توالت الأيام ، و بدأت حالتها تهدأ شيئا فشيئا ، و تعتاد فكرة أن وليد لم يعد موجودا ، و أنه سيعود بعد زمن طويل …

أما تذاكر اللعب ، فحين أردت أخذها ذات مرة لتلهو في الحديقة ، رفضت … و قالت :

" سأذهب مع وليد حينما يعود "

و أما الساعة ، فلا تزال تحتفظ بها بين أشيائها النفيسة …

" سأعيدها لوليد حين يعود "

لأنه نقل إلى سجن العاصمة ، فإننا لاقينا بعض الصعوبات في زيارته ، خصوصا و أوضاع البلد تدهورت كثيرا و الحرب اشتدت و الدمار حل و انتشر و حطّم ما حطم من المباني و الأراضي و الشوارع … و كل شيء ، و اضطررنا لترك منزلنا و الانتقال لمدينة أخرى …

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

في كل يوم ، و بين الفينة و الأخرى يزج بشخص جديد إلى السجن .
في الفترة الأخيرة ، كان معظم السجناء من مرتكبي الجرائم السياسية
أو المتهمين بها ظلما .

كنت أنا أصغر الموجودين سنا ، إذ أنني لم أبلغ العشرين بعد و كان وجودي بين السجناء مثيرا للاهتمام .

تعرفت على ( زميل ) يدعى نديم .
نديم هذا كان متهما بإحدى الجرائم السياسية و قد حكم عليه بسنوات طويلة من السجن و الحرمان من الحياة …

" و من يعتني بزوجتك و ابنتك الآن ؟ "

سألته أثناء حديث لنا ، و هل كنا نملك غير الأحاديث ؟؟

أجابني :

" ليس لدي الكثير من الأقارب ، إلا أنني اعتقد أنهما ستلجأان إلى أخي غير الشقيق ( عاطف ) فهو مقتدر ماديا و يستطيع مساعدتهما ـ إن قبل "

و اكتشفت فيما بعد ، أن عاطف هذا لم يكن غير والد عمّار الذي قتلته !
الذي جعل الأمر يمر مرور الكرام هو أن نديم لم يكن على علاقة وطيدة بأخيه غير الشقيق عاطف او ابنه المتوفى عمّار …
و الذي حدث هو أننا مع الوقت أصبحنا صديقين حميمين رغم ذلك .

لقد كان هو الداعم الوحيد لي و المشجع على عيشة السجن المريرة …

و أي مر ؟؟
أي عذاب ؟
أي ضياع …؟؟

في كل ليلة ، اضطجع على السرير الضيق المهترىء المتسخ ، عوضا عن سريري الواسع المريح ، و أغطي جسدي المنهك بأغطية بالية ممزقة ، بدلا من البطانيات الناعمة النظيفة …

اغمض عيني ّ و أفكر … و أتذكر … و أبكي …

أخرج الصورتين من تحت الوسادة القديمة المسطحة، و أحدق بهما …

هنا ، يقف أفراد عائلتي جميعا ، هذا أبي … هذه أمي … هذا شقيقي سامر ، و هذه الندبة التي شوّهت وجهه منذ ذلك اليوم … و هذه دانة … بظفيرتيها المتدليتين على كتفيها …
و هذه … هذه …
من هذه ؟؟
إنها دنياي …
حبيبتي الصغيرة المدللة …
طفلتي الغالية …
نبضة قلبي … رغد
تقف إلى جانبي ممسكة برجلي …
كانت تريد مني أن أحملها إلا أنني فضلت أن نلتقط الصورة و هي واقفة إلى جواري …

و في هذه الصورة … مع دفتر تلوينها …

ما أجملها .. و ما أجمل شعرها الخفيف الناعم … كم أحب أن أمسح على رأسها … ما أنعم هذا الملمس …

مسحت بيدي … شعرت بخشونة …
خشونة السرير الذي ألقي بجسدي عليه …
خشونة الواقع الذي أعيشه …

رفعت يدي و أخذت أحدق براحتي …

و أرى ما علق بها من غبار و حبات رمل تملأ السرير …

صرخت …

صرخت فجأة رغما عني …

" رغد … أعيدوني إلى رغد … أخرجوني من هنا … "

في الصباح … أنهض عن سريري بكل كسل و كل ملل و إحباط
فأنا سأنتظر دوري في طابور السجناء الذاهبين إلى دورات المياه ، ثم أخرج من ذلك المكان البغيض و أنا أشعر أنني كنت أكثر نظافة قبل دخولي إليه ، و أذهب إلى حيث يقدّم لنا فطور الصباح … و أي فطور …

عوضا عن شاي أمي و أطباقها الشهية اللذيذة ، التي كنت أتناولها عن آخرها ، يقدم لنا مشروبا سيء الطعم ، لا أستطيع الحكم عليه بأنه شاي أو قهوة أو أي مشروب آخر …

و أجبر معدتي الجوفاء على هضم طعام رديء لا طعم له و لا رائحة ، حتى أنني أترفع عن مضغه و ازدرده ازدرادا …

و يبدأ يوم فارغ لا أحداث فيه … تمر الساعة تلو الأخرى دون أن يكون هناك أي تغيير … لا مدرسة أذهب إليها … لا رفاق أتصل بهم … لا أهل أتبادل الأحاديث معهم … و لا أطفال أرعاهم و أعلمهم … و لا رغد تظهر فجأة عند باب غرفتي و تقول :

" وليــــــــــد … لوّن معي ! "

آه يا رغد …

ما الذي تفعلينه الآن ؟

ما الذي فعلته بعد غيابي ؟

هل يعتنون بك جيدا ؟؟

رغد …

أكاد أموت شوقا إليك …

ليتك تقفزين من مخيلتي و تظهرين أمامي ، كما كان يحدث سابقا ….

" أخرجوني من هنا … أخرجوني من هنا .. "

لو لم يكن نديم موجودا ، أظن … أنني كنت سأصاب بالجنون .

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

اليوم سيأتي أهلي لزيارتي حسب الاتفاق .

في مثل هذا اليوم أكون أنا محلقا في السماء و في حالة توتر مستمرة …
أهلي بعد أن كانوا يزورونني 3 مرات في الأسبوع ، اقتصروا على واحدة بسبب صعوبة الحضور و مشقة المشوار …

أذرع الغرفة ذهابا و إيابا في توتر شديد … منتظرا لحظة مجيئهم .

" ما بك يا وليد ! اجلس ! ألم تتعب من المشي ذهابا و عودة ؟ لقد أصبتني بالدوار ! "

" لا أستطيع التوقف يا نديم … والداي و أخي سامر سيحضرون في أية لحظة ! أنا مشتاق لهم كثيرا جدا "

" على الأقل … أنت لديك من يزورك ! أما أنا فلا علم لي بحال زوجتي و ابنتي … ربما أصابهما مكروه "

التفت إلى نديم و أنا مندهش من صبر هذا الرجل و قدرته على التحمل …
من هذا الرجل العظيم ، تعلّمت أشياء كثيرة … و أدين له بالكثير …

قلت :
" لا بد أنهما لم تحصلا على تصريح لزيارتك … خصوصا و أنت ( مجرم سياسي ) و يخشى منك ! "

ابتسم نديم ، و قال مازحا :

" نعم ! فأنا ألعب بمصير دولة و شعب كامل ، لا رجل واحد ! لم لا تعمل معي بعد خروجنا من هنا ؟ "

" بعد خروجي من هنا ، فإن آخر شيء أفكر به هو العودة ! أبقني بعيدا عن السياسة و الدولة و الشعب … إنني فقط أريد العودة إلى أهلي … "

نعم ، فمن يجرّب عيشة كهذه لا يمكن أن يسلك طريقا قد يعيده إليها .

هنا ، فُتح الباب ، فاقشعر بدني و تأهبَت أذناي لسماع ما سيقوله الحارس …
ربما جاء دوري للزيارة …

وقفنا جميعا ، أنا و نديم و جميع من كان معنا لدى سماعنا جلبة و ضوضاء قادمة من ناحية الباب ، و من ثم رؤيتنا للحراس و الضباط يدخِلون ثلاثة من الرجال المكبلين بالحديد إلى داخل السجن ، و يدفعون بهم دفعا و ينهالون عليهم بالضرب العنيف …

لقد كان مشهدا مريعا هزّ قلوبنا جميعا ، و حين قاوم أحدهم رجال الشرطة و حاول مهاجمته ، رُمي بالرصاص … و خر صريعا .

حمل بعض الحراس الجثة و أبعدوها خارج الزنزانة ، فيما واصل بعضهم ضرب الرجلين الآخرين حتى أفقدوهما الوعي …

كان منظرا فظيعا جفلت أفئدتنا و اكفهرت وجوهنا لدى رؤيته …

ترك الضباط و الحراس السجينين الجديدين ، و غادروا .

وقفت جامدا في مكاني لا أقوى على الحراك ، بعد أن كنت في قمة النشاط و الحركة ، أجول بالغرفة دون سكون ….

اقترب بعض الزملاء من الرجلين و حملوهما إلى سريرين متجاورين ، و اعتنوا بهما حتى أفاق أحدهما ، و علمنا منه أنهم ـ أي الثلاثة ـ ( متهمون بجرائم سياسية ) و محكوم عليهم بالإعدام .

أخبرنا المجرم الجديد هذا عن الأوضاع التي ازدادت تدهورا بشكل كبير جدا ، و أنه تم القبض على مجموعة كبيرة جدا من الشبان بتهم سياسية مختلفة و زج بهم في السجون ، في انتظار حكم الموت ، و أن عدد القتلى من جنود الحرب و كذلك من عامة الناس في ازدياد مطرد ، و أن الحرب حامية الوطيس و المقابر ممتلئة و الفوضى تعم البلاد …

بقيت واقفا عند الباب انتظر … الوقت يمر و أهلي لم يحضروا … فهل أعاقهم شيء ؟ أم هل أصابهم مكروه لا قدّر الله ؟

نديم كان يراقبني ، و كلما التفت إليه التقت نظراتنا ، أنا في قلق ، و هو يصبّر … و كلما التفت إلى الناحية الأخرى ، وقع بصري على الدماء المراقة على الأرض … فأرفع بصري في ذعر نحو السقف ، فأرى مجموعة من حشرات الجدران تتجوّل بلا رادع …

فأشعر باختناق في صدري ، و أحاول شهق نفس عميق ، فتنجذب إلى أنفي روائح كريهة مختلطة ، مزيج من روائح العرق … و الدماء … و الأنفاس …
و بقايا الطعام المتعفن في سلة المهملات … و دخان السيجارة التي يدخنها الحارس خلف الباب …

" أين والداي ؟ لماذا لم يحضرا ؟ أخرجوني من هنا … لم أعد أحتمل … أخرجوني من هنا … "

انهرت و أنا أبكي كطفل أضاع والديه في متاهة ، فأقبل نديم نحوي يواسيني ، بينما أطلق مجموعة من السجناء هتافات الانزعاج و الاستياء أو السخرية مني و من بكائي و نحيبي المتكرر …

إنني ابن العز و النعمة و الرخاء …
و قد تربيت في بيت نظيف وسط عائلة راقية محترمة … كيف لي أن أتحمّل عيشة كهذه ، و لدهر طويل ، لمجرد أنني قلت شخصا يستحق الموت ؟

لم يحضر والداي في ذلك اليوم ، و لا اليوم الذي يليه ، و لا الأسبوع الذي يليه ، و لا الشهر الذي يليه ، و لا السنين التي تلته واحدة تلو الأخرى ….

أصبحت منقطعا بشكل نهائي عن أهلي و عن الدنيا بأسرها
اعتقد أن مكروها قد ألم بهم ، و لا أستبعد أن يكونوا قتلوا في الحرب …

الشخص الوحيد الذي حضر لزيارتي بعد عامين كان صديقي القديم سيف .

" لا أصدق أنك تذكرتني ! لا بد أنني أحلم ؟ "

قلت ذلك ، و أنا مطبق بكل قوتي على صديقي ، كمن يمسك بخيال يخشى ذهابه …

" لم أنسك أيها العزيز … إنني عدت للبلد بصعوبة قبل أيام ، فكما تعلم كنت مسافرا للدراسة في الخارج … أوضاع البلد لم تسمح لي بالعودة قبل الآن "

سألته بلهفة و خوف :

" و أهلي ؟ عائلتي ؟ ما هي أخبارهم ؟؟ أما زالوا أحياء ؟ لماذا لا يزورونني ؟ "

سيف طأطأ برأسه و تنهد بمرارة ، فأغمضت عيني ّ و وضعت يدي فوقهما لأتأكد من أن الخبر المفجع لن يصلني …

سيف ربت على كتفي و قال :

" لا علم لي بأخبارهم يا وليد … إذ يبدو أنهم اضطروا للرحيل عن المدينة و ربما سافروا لمكان بعيد … و لم يتمكنوا من العودة … "

تأوهت …
و شعرت بشيء يخترق صدري فتألمت … تهت بعيدا …
هل انتهى كل شيء ؟
أمي و أبي …
سامر و دانة …
و الحبيبة رغد …
حياتي كلها …
هل انتهى كل ذلك ..؟؟

شعر سيف بألمي فعانقني بعاطفة ملتهبة … و قال :

" سأحاول تقصي أخبارهم يا وليد … الدنيا في الخارج مقلوبة رأسا على عقب … ربما تكون أنت قد نجوت بدخولك هذا السجن ! "

أبعدت سيف عني قليلا بما يسمح لأعيننا باللقاء …

قلت :

" أريد أن أخرج من هنا … "

أمسك سيف بيدي و شدّ عليها … عيناه تقولان أن الأمر ليس بيده …

قلت :

" سيف … سيف أنت لا تعلم كم الحياة هنا سيئة ! إنهم … إنهم يا سيف يضعون الحشرات عمدا في طعامنا و يجبروننا على قضم أظافرنا … و المشي حفاة في دورات المياه القذرة !
سيف … إنهم لا يوفرون لنا الأشياء الضرورية كالمناديل و شفرات الحلاقة !
أنظر كيف أبدو ؟ ألست مزريا ؟
عدا عن ذلك ، فهم يضربون و بعنف كل من يبدي استياء ً أو يتذمر !
زنزانتي يا سيف … لا يوجد فيها فتحة غير الباب المقفل … لا هواء و لا نور إنني مشتاق إلى الشمس … إلى الهواء النقي … إلى أهلي … إلى الحياة … إلى كل شيء حرمت منه … أبسط الأشياء التي تجعلني أحس بأنني بشر … مخلوق كرّمه الله ! إلى … فرشاة أسنان نظيفة أنظّف بها أسناني ! "

و لو كنت استمررت في وصف حالي له ، لكان فقد وعيه من الذهول … إلا أنني توقفت حين شعرت بيده ترتخي من قبضها على يدي و رأيت الدموع تتجمع في مقلتيه منذرة بالهطول …

أغمضت عيني ّ بحسرة و أنا أتخيل و أقارن بين حياتي في البيت ، و حياتي في هذه المقبرة … و جاء طيف رغد و احتل مخيلتي …
الآن …
أراها و هي تقول في لقائنا الأخير :

" لا ترحل … لا تتركني "

و تتلاشى هذه الصورة ، ثم تظهر صورتها و هي مذعورة و ترتجف بين ذراعي ، ذلك اليوم المشؤوم ….

ثم تظهر صورة عمّار ، و ابتسامته الخبيثة لحظة رميه الحزام في الهواء …

" إلى الجحيم … "

قلت دون وعي مني :

" كان يجب أن أقتله … و لو يعود للحياة … لقتلته ألف مرّة … "

انتبه صديقي سيف من شروده و تخيله لحالتي الفظيعة ، قال :

" لماذا ؟ "

نظرت إله ، بصمت موحش … فعاد يقول :

" لماذا يا وليد ؟… الذي دفعك لأن ترمي بنفسك في حياة كهذه لابد أنه …؟؟ "

و لم يتم جملته ، استدرت موليا إياه ظهري …
تماما كما استدرت حين سألني يوم الحادث .

سيف لم يصبه اليأس مني … قال :

" أخبرني يا وليد … فقد يكون أمرا يقلب الموازين و يخرجك من هنا بمدة أقصر … والدي أكد لنا ذلك فيما مضى و قد يستطيع إعادة النظر في قضيتك بشكل ما … "

بدا و كأن قلبي قد تعلّق بأمل الخروج … و البحث عن أهلي و العودة إليهم …
و لكن … ألم يفت الأوان …؟؟

" وليد … "

استدرت لأواجه سيف … كانت نظرات الرجاء تملأ عينيه … إنه الوحيد الذي أتى ليزورني من بين أصحابي و أهلي و الناس أجمعين …

" لماذا وليد …؟ "

" سيف … "

" كنتَ على وشك الوصول لقاعة الامتحان … ما الذي أخبرك به ، ثم أجبرك على ترك الامتحان و الذهاب إلى تلك المنطقة ؟ و بالتالي … قتله ؟؟ "

" كان يجب أن أقتله … "

" لماذا قل ؟ أخبرني … "

" لأنه … "

" أجل ..؟؟ "

" لأنه … … لأنه اختطف صغيرتي رغد … و هددني بإيذائها ما لم أسرع بالحضور لتلك المنطقة … "

أصيب سيف بالذهول … و اتسعت حدقتا عينيه و انفغر فاه مصعوقا …

قال ، دون أن تتلامس شفتاه :

" و … ؟ "

" و انتهى كل شيء …. "

…يتبع…

* * * * * * * * * * * * * * * * *

كبراءة الأطفال لا توجد غير العصافير المغردة رعاية الطفل 2024.

كبراءة الأطفال لا توجد غير العصافير المغردة

…ما أجمل أن نكون أطفالا…

لا احد منا ينكر أن أول صفة يتصف بها الأطفال هي البراءة
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
الصفة الثانية هي البساطة … تجد انه يتقبل كل شىء تقوله له .. دون ان

يجادل أو يتشكك …. كثير الأسئلة .. لا يخجل من جهله .. ولا من أجابته

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
الخاطئة ..
والصفة الثالثة هي صفاء قلوبهم أمر فريد لا يتعذر عليك إضحاكهم حتى

وان كانوا يبكون .. ابتسامة صغيرة منك تجده ينسى بكائه ودموعه

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ويشاركك الابتسامة

وأمر آخر جميل جدا .. ان شاهد او حضر بكاء أحد المقربين اليه من

العائلة .. تجد ان دمعته تخرج لمشاركة بكاء الآخرين ..

الطفل لا يحمل هم الغد او المستقبل ..
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
سحر كسحر البراءة، ولا براءة كبراءة الأطفال
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

موضوع كتير حلو يا هنوءه يسلمو

واه الصور بجننــــــــــــــــــــــــــــــوا ولطشتهم ههههههههههههه

خصوصا اول تنتين

يسلمو هالايدين يا بطه

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشركسيه خليجية
موضوع كتير حلو يا هنوءه يسلمو

واه الصور بجننــــــــــــــــــــــــــــــوا ولطشتهم ههههههههههههه

خصوصا اول تنتين

يسلمو هالايدين يا بطه

مشاركة اسعدتني يا بطة
خليجيةخليجيةخليجية

حلوين
اشكرك على موضوعك الرائع
من جد ولدي سنتين مايخجل من اسالته
وكلامه
الله يحفظه
اشكرررررررررك على موضوعك القيم
مشكووووووووووووورة براءة

الله الله عليهم

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
يالله على البراءه كثير حلوين وموضوكاحلى ياربي يسعدهم الاطفال

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الانثى الخجوله خليجية
يالله على البراءه كثير حلوين وموضوكاحلى ياربي يسعدهم الاطفال

مشاركتك هي الاحلى تسلمي يارب

للي غيور على الأسلآم أمر ضروري وجديد 2024.

للي غيور على الأسلآم .. أمر ضروري وجديد

خليجيةبسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني/اخواتي

بالبدايه كنت أحسب الموضوع لعب و مزحه .
لكن الموضوع جد .
غرفه لسب الرسول صلى الله عليه وسلم مطلوب 4 مليون صوت لقفل هذه الغرفة‏
أحد الأشخاص قام بانشاء حجرة على برنامج البالتوك الشهير للمحادثة ليسب الرسول بالرسائل والصور
التى يرسلها لأكثر من [مائة الف] شخص يومياً

وقد قام بعض الشباب الغيورين على الاسلام بتقديم شكوى لشركة البالتوك
فطلبت الشركة تصويت 4 مليون مسلم حتى تغلق هذه الحجرة
ربما تريد الشركة أن تعجزنا حتى لا تغلق الحجرة ، فلنثبت لهم إذن أننا لن يمنعنا من نصرة نبينا مانع .
أخواني أخواتي ادخلوا على رابط الرسالة
وضعوا توقيعاتكم

Sign the End the Hate Petition

هيا صوت بسرعة حتى تقفل عدد المصوتون الى الان 2430395 مسلم صوت
طريقة التوقيع اضغط على الرابط ثم :
اكتب اسمك
اكتب إيميلك
اكتب دولتك
اكتب عمرك
ثم اضغط على Preview Your Signature
ستنفتح لك صفحة ثالثة
انزل تحت و اضغط على مستطيل (Approve signature)
وقدر المستطاع انشر هذا الرابط عن طريق الايميل او المنتديات الاخرى
و أجرك عند الله

وياليت الكل يصوت
فداك ابي وامي يارسول الله .
اخواني لاتتعاجزوا ولاتنسون ان الموضوع يخص الرسول .